أيها المقبول صيامه هنيئا لك

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة وهادي الأمة صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا أما بعد لقد إنقضي شهر رمضان ولقد مضت الأعمال والصيام والقيام والزكاة والصدقة وختم القرآن والدعاء والذكر وتفطير الصائم وأنواع البر التي حصلت، والعمرة التى قام بها الكثير، لكن هل تقبلت أم لا؟ وهل قبل العمل أم لا؟ فكان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، وهؤلاء الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، يعطي ويخشى أن لا يقبل منه.
يتصدق ويخشى أن ترد عليه، يصوم ويقوم ويخشى أن لا يكتب له الأجر، قال بعض السلف كانوا لقبول العمل أشد منهم إهتماما بالعمل ذاته، وكان بعض السلف يقول فى آخر ليلة من رمضان يا ليت شعرى من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه، أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك، فإذا فاته ما فاته من خير رمضان فأى شيء يدرك، ومن أدركه فيه الحرمان فماذا يصيب، كم بين من حظه فيه القبول والغفران ومن كان حظه فيه الخيبة والخسران، وإن من علامات التقوى هو الإمتناع عن الفسق فى شهر رمضان، والذى يخشى على عمله ولا يدرى هل قبل منه أم لا، يجتهد في العبادة، ويواصل في الطاعة، والذى يظن أنه قد عمل حسنات أمثال الجبال فلا يهمه بعد ذلك، ويقول عندى رصيد، وساعة لربك وساعة لقلبك.
ولكن مواصلة الطاعة والعبادة بعد رمضان واجبه ومفروضه، فإن الذى يتق الله حق تقاته يواصل على الطاعة والعبادة، والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان، والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان، فهم بإستمرار يفعلون ذلك وليس قيام رمضان فقط وهكذا من سائر صفات المؤمنين والسبب أننا مطالبون بالعمل إلى الموت بأمر من الله تعالى، فلا بد من الصبر والمصابرة على الطاعة، وهذه وقفة مهمة جدا في قضية الإستمرار على الطاعة، ولعله لهذا السبب شرع لنا صيام الست من شوال، حتى لا تنقطع العبادة الجميلة وهي عبادة الصيام، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها هكذا يقول الله تعالى” وفي رواية ” جعل الله الحسنة بعشر” وفي رواية.
” فشهر بعشرة أشهر” وفي رواية ” صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام السنة ” فيكون ستة في عشرة بستين، أي ستون يوما وهي شهران مع الشهر الذي صمناه في عشرة بعشرة أشهر فتمت السنة، وفضل الله عظيم، وكرمه واسع وهباته مستمرة، وعطاءه لا ينقطع، ولكن أين العاملون؟ وفي رأي آخر أن من فعل هذا دائما فكأنما صام عمره، أي من كان صام شهر رمضان ثم صام ستا من شهر شوال فإنه يكون قد صام العمر، وله أجر صيام الدهر.