الاحتلال يوسّع المنطقة العازلة: رفح تتحول إلى منطقة محظورة على الفلسطينيين

يواصل الجيش الإسرائيلي خطواته التوسعية جنوب قطاع غزة، حيث يستعد لتحويل مدينة رفح والأحياء المحيطة بها إلى منطقة عازلة مغلقة يُمنع السكان من التواجد فيها، ضمن خطة تشمل نحو 75 كيلومترًا مربعًا، أي ما يقارب خمس مساحة القطاع.
و تمتد هذه المساحة بين محور فيلادلفيا جنوبًا ومحور موراج شمالًا، وكانت تأوي نحو 200 ألف فلسطيني قبل أن تُفرغها الغارات الإسرائيلية من سكانها بفعل التدمير واسع النطاق.
كما كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الجيش بدأ فعليًا في تدمير المباني المجاورة لمحور موراج، وطالب ما تبقى من السكان بإخلاء المدينة والتوجه إلى “المنطقة الإنسانية” في خان يونس والمواصي.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطوة تمثل سابقة غير مسبوقة، إذ لم تقدم إسرائيل من قبل على ضم مدينة كاملة إلى المنطقة العازلة التي أقامتها منذ بدء عدوانها في أكتوبر 2023.
كما أكدت مصادر أمنية أن هذا التوسيع جاء بعد قرار سياسي مباشر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل عودة التصعيد العسكري، بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض، وضمان سيطرة إسرائيل على أجزاء واسعة من غزة.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة ستزيد من عزلة القطاع، عبر فصل رفح عن الحدود المصرية، وتحويل غزة إلى منطقة مغلقة محاصرة بالكامل، ما يضاعف معاناة الفلسطينيين اقتصاديًا وجغرافيًا.
وفي ظل تراجع الدعم الدولي للعملية العسكرية، خصوصًا من الولايات المتحدة، يبدو أن إسرائيل تحاول استخدام السيطرة على رفح كورقة ضغط على حماس في أي مفاوضات مستقبلية.
كما تضمن تقرير “هآرتس” شهادات من جنود وقادة عسكريين أبدوا امتعاضهم من غياب الأهداف الواضحة، وعبّر بعضهم عن قلقهم من تكرار الحوادث المميتة مثل انهيار المباني فوق الجنود، كما حدث في كيسوفيم وبيت حانون.
وبحسب الصحيفة، يستخدم الجيش خريطة ميدانية ملوّنة لتصنيف المناطق حسب مستوى الدمار: أحمر وبرتقالي وأصفر وأخضر، مشيرة إلى أن 80% من البنية التحتية في بعض المناطق دُمّرت، في سباق غير معلن بين الوحدات لتحقيق “المزيد من التدمير”.
كما كشفت شهادات صادمة عن تعليمات بعدم التمييز بين مدني ومقاتل، حيث يُعتبر كل من يتحرك في رفح هدفًا، دون وجود معايير واضحة أو تحذيرات على الأرض.
حتى الرهائن، الذين تدّعي إسرائيل السعي لتحريرهم، لم يسلموا من خطر الفوضى العسكرية، إذ تبيّن أن بعض المواقع التي دُمرت كانت تحوي معدات تخصهم.
وفي النهاية، يرسم التقرير صورة مقلقة عن تصاعد الانتهاكات، مع استخدام الجرافات والدبابات لنسف الأحياء بشكل منهجي، وتحويل المدينة الحدودية إلى مساحة خالية من الحياة، تُدار فيها العمليات بلا رؤية واضحة، وتُرتكب فيها أخطاء كارثية بحق المدنيين والرهائن على حد سواء.