أخر الأخبار

زمن الفتنة بقلم الكاتبة والأديبه تهاني عدس

Tona

مقال: زمن الفتنة

بقلم الكاتبة والأديبه تهاني عدس

 

كُنا وما زلنا نسمع عن زمن الفتن، وهاقد وصلنا إليه!!

أنظر إلى ما يحدث الآن في العالم العربي والإسلامي وخاصة منطقة الشرق الأوسط، وهي المنطقة الأكثر سخونة.

لقد أدت حدة الصراعات السياسية، إلى زيادة الانقسامات بين الشعوب وبعضها، بل وبين فئات المجتمع الواحد وبعضها. في الظاهر، تبدو تلك الصراعات على أنها صراعات سياسية، لكنها في الأصل تقوم على أسس دينية وطائفية وعرقية.

بالرغم من أن العالم الإسلامي لا يتبع سلطة كهنوتية، إلّا أن مايحدث داخل المجتمعات اليوم يشبه ماحدث في أوروبا خلال العصور الوسطى. فقد أدى تخلف المجتمعات في تلك الحقبة وجهلها بمخاطر صراعاتها وكيفية علاجها إلى تفككها وتهتكها.

بقراءة التاريخ، سنجد أن العالم الاسلامي شهد حالة من الفتنة من قبل والتي أدت إلى وقوع العديد من الحروب بين المسلمين وبعضهم،

مثلما جرى خلال القرن السادس عشر بين الإمبراطورية العثمانية السنية والامبراطورية الصفوية الشيعية بسبب الأحقاد والكراهية بين الفريقين.

مما أدى بدوره إلى انشقاق السنة والشيعة والذي هو مستمر حتى يومنا هذا.

الجدير بالذكر، أن الصراع اليوم يُعد أكثر ضراوة من صراع العصور الوسطى والصراع العثماني-الصفوي.

ويرجع هذا الى كبر حجم عدد السكان ودور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الانتشار اللحظي للمعلومات في أوسع نطاق ممكن.

في الوقت الحالي، بعض وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي تساهم بشكل مباشر في خلق الفتن بين فئات المجتمع الواحد وبين الدول وبعضها.

فهناك حرب إلكترونية شرسة توجه الرأي العام تارة وتضلله تارة أخرى. ويتم ذلك بتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب المفبركة، مما يؤدي إلى تعميق الخلافات وزيادة الاحتقان ومن ثم تأجيج التوترات والتصدعات الاجتماعية.

فماذا نفعل إذا؟!

أولًا: حدد عدوك:

من عدوك؟ هل هو من يشاركك في الوطن؟

ستجد الإجابة هي أن عدوك ليس من يشاركك الوطن، فمصيركم واحد، وعدوكم واحد. ولن يفرق بين مسلم ومسيحي أو شيعي وسني، إنه يتربص بالكل.

فتخلى عن الكره والحقد الدفين تجاه شريكك في الوطن.

في ظل حالة التشكيك والتخوين في نوايا الآخرين والرغبة الشديدة في الإقصاء، ارساء مبدأ المواطنة والمؤاخاة يبدو صعبًا في الوقت الراهن.

لكن بالرغم من كل التصدعات والانشقاقات في العالم العربي والإسلامي، إلّا أن الصلح المجتمعي ليس مستحيلًا.

العرب في الجاهلية كانوا لا يقاتلون اخوانهم ويحرصون على الصلح بين القبائل ويحضًون على اغماد السيوف من أجل حقن الدماء.

يُذكر أيضًا أن فتنة بغيضة هي من أوقعت بين قبيلتي الأوس والخزرج، وسببت صراعات وحروب دامت مايقرب من ١٢٠ عام، حتى أصلح بينهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أنعم الله عليهم بنور الإسلام، فانطفأت نار الثأر والحقد والضغينة بينهم.

فالصلح بين الأطراف المتنازعة داخل الامة الواحدة، يمكن تنفيذه من اجل المصلحة المشتركة لجميع الأطراف.

ثانيًا: لاتشارك في نشر الفتن ولا تنصر فئة على اخرى:

قدر الله وقضائه علينا أن تشتعل الفتنة، والسبيل الوحيد في إخمادها هو اعتزالها واجتناب اهلها، وذلك بكف اليد واللسان عن المشاركة فيها.

فاجتناب الفتن هو من أجل مصلحة الفرد والأمة، وهو أصل عظيم من أصول الدين الإسلامي.

من الأحاديث التي وردت في ذلك:

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فيها خَيْرٌ من الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فيها خَيْرٌ من الْمَاشِي وَالْمَاشِي فيها خَيْرٌ من السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ)) رواه الشيخان.

وقول اﻹمام أحمد رحمه الله: ” واﻹمساك فى الفتنة سُنة ماضية، واجب لزومها، فإن ابتليت فقدم نفسك دون دينك، وﻻ تعن على فتنة بيد، وﻻ لسان؛ ولكن اكفف يدك، ولسانك، وهواك، والله المعين.”

عندما نتعرض لعاصفة ترابية، نغلق النوافذ والأبواب والأفواه ونغمض أعيننا أيضًا حتى لايدخلها الغبار، فهكذا يكون التعامل مع الفتنة.

الخلاصة هي أن الفتنة ابتلاء عظيم من الله سبحانه وتعالى، تسلط فيها أفراد المجتمع على بعض، أو بلد على أخر.

سبيل الخروج منها هو تحديد العدو الحقيقي ومحاولة صادقة للاصلاح بين الأطراف المختلفة، إن لم نستطع، فيجب اعتزال الفتنة وعدم المشاركة فيها.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا بحفظه، وأن يرزقنا اتباع الحق، وأن يحفظ بلادنا من كل شر، وأن يجنبنا الفتن ماظهر منها وبطن، وأن يؤلف بين قلوبنا ويجمعنا على حسن ذكره وعبادته.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى