اكتبوا لعبدي مثل الذى كان يعمل .. الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وهدى به إلى صراط مستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما أما بعد لقد أمرنا الإسلام بالمداومة علي طاعة الله عز وجل، وإن الله عز وجل إذا كان العبد المسلم مواصلا على عمله الصالح لو أصابه عارض من مرض أو سفر يكتب له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحا مقيما، وجاء في الحديث الشريف ” إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين اكتبوا لعبدي مثل الذى كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه ”
وهذا ما قاله النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم إذن هذه من فوائد المواصلة على الطاعة والعبادة، وهى المداومة على الطاعة سبب لحسن الخاتمة، وإن من الوقفات المهمة أن الإستمرار في الطاعة والعبادة سبب لحسن الخاتمة، كما قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه ” فإذا كان من الصالحين كانت عبادته حسنة، وكذلك فإن عبادتنا لله تعالي في جميع الأوقات والأحيان، سواء في السراء أو الضراء، في شهر رمضان أو في غير رمضان، في أوقات الرخاء والشدة، في أوقات المحنة والنعمة، فإذا كانت مستمرة فإن الأجر يعظم عبادة في الهرج، أو الفتنة كهجرة إلي كما قال النبى صلى الله عليه وسلم “العبادة في وقت الفتن وإختلاط الأمور أجرها كأجر المجاهد في سبيل الله تعالى”
فعندما لا يشجع الجو على العبادة، عندما يرجع كثير من الناس إلى فتورهم بعد رمضان، عندما تقوم أنت بالعبادة لا شك أن لك أجرا عظيما، عندما فتر الناس أنت نشطت، عندما تقاعس الناس أنت تقدمت، عندما تخلفوا أنت تقدمت، وإن هنا مفهوما عظيما وهي أن العبادة هي أصل في حياتنا، وإنها ليست قضية طارئة، وإنها ليست قضية مؤقتة، وإنها ليست قضية محددة بزمان أو مكان، وإنها مستمرة، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم شاب نشأ على طاعة الله تعالى، ومن الوقفات العظيمة التي نقفها عند الذين دخلوا شهر رمضان بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي، فإنهم لم يستفيدوا شيئا، حيث قال الله تعالى كما جاء فى سورة المائده ” وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون”
وقال ابن كثير رحمه الله بأن هذه صفة المنافقين، وقد دخلوا، أى عندك يا محمد بالكفر يعنى مستصحبين الكفر في قلوبهم، ثم خرجوا من عندك والكفر كامن فيها، فلم ينتفعوا بما سمعوا، ولم يفد فيهم العلم، ولم تنجع فيهم المواعظ والزواجر، فالذين دخلوا رمضان ثم خرجوا مثلما كانوا قبل رمضان أو أسوأ تنطبق عليهم هذه الآية، دخلوا بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي، فبعد شهر رمضان رجعوا إلى ما كانوا فيه من المنكرات، ولم يستفيدوا من رمضان، فشهر رمضان لم يورث توبة عندهم، ولا إستغفارا، ولا إقلاعا عن المعاصي، ولا ندما على ما فات، لقد كانت محطة مؤقتة ثم رجعوا إلى ما كانوا فيه، هذه النفسية السيئة هل عبدت الله حق عبادته؟ وهل وفت حق الله؟ وهل أطاعت الله أصلا؟ فهذه مصيبة كبيرة أن يعود شراب الخمور إلى خمورهم، ومتعاطوا المخدرات إلى مخدراتهم
وأصحاب الزنا إلى الزنا، وأصحاب الربا إلى الربا، وأصحاب الفسق ومجالس اللغو إلى اللغو، وأن يعود أصحاب السفريات المحرمة إلى السفريات المحرمة، فهذه مصيبة والله كارثة، فقد دخلوا بالمعاصى وخرجوا بالمعاصى، ما إستفادوا شيئا أبدا.