التربية في سبيل السلام .. الكاتبة/ الزهرة العناق

في عالم يضج بالتوترات، وتتصارع فيه القيم مع المصالح، تبرز التربية لا كوسيلة لإعداد الأفراد للوظائف، بل كغاية في ذاتها، و كقوة ناعمة تزرع السكينة في تربة النفوس، لتثمر سلاما يمارس قبل أن ينادى به.

التربية ليست مجرد تعليم القراءة و الكتابة، ولا هي محض تهذيب للسلوك ضمن حدود الانضباط. إنها فعل إنساني يبنى على الإيمان بأن الإنسان يولد قابلاً للتشكيل، وأن ما يغرس في وجدانه منذ الطفولة، هو ما يرسم ملامح الوطن والمستقبل.

التربية من أجل التربية، تعني أن نربي لأجل النبل، لأجل الحق، لأجل الجمال. لا نربي لأجل العلامة المدرسية، بل لأجل علامة في الضمير. لا نربي لنصنع موظفًا، بل لنصنع إنسانًا يعرف كيف يكون نافعًا.

في ظل ضجيج العالم، واندثار القيم خلف أسوار المنفعة، تصبح التربية مقاومة حضارية. تعليم الطفل أن يشارك لعبته، أن يصغي لغيره، أن يعتذر حين يخطئ، إنه نواة سلام عالمي لا تصنعه المؤتمرات و لا المعاهدات.

حين نؤمن أن التربية ليست ترفا، و نعيد ترتيب أولوياتنا. نبني المدارس لا كصروح إسمنتية، بل كملاجئ للأمل. نعد المعلمين لا كناقلي معرفة، بل كأنبياء ينيرون الطريق للآخر. نربي أبناءنا على الإحساس، لا فقط على الإنجازات و تحقيق أعلى المعدلات.

تحقيق السلام يبدأ من طمأنينة الطفل في حضن أمه، ومن ابتسامة المعلم في صباح بارد، ومن قصة تروى قبل النوم عن بطل لم ينتصر بالسيف، بل بالحكمة.

التربية لأجل السلام ليست خطابا سياسياً، بل مشروع جاد، يتطلب شجاعة قلب، وطول نفس، و إيمانًا لا يتزعزع بأن التربية الحسنة هي استثمار في مستقبل أكثر عدالة.

فلنربي أنفسنا و أطفالنا التربية الحسنة، لأن العالم يحتاج إلى السلام، والسلام لا يولد إلا في حضن تربية حقيقية.

نربي لأجل صنع الإنسانية في قلب الإنسان، لا لأجل النتائج، و لا ننسى أن نجعل الأخلاق الأساس في بناء السلام الحقيقي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى