الدكـــروري يكتب: صيام الكفارة الواجب

الحمد لله رب العالمين حمد الحامدين الشاكرين والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد اعلموا يرحمكم الله أن قضاء أيام رمضان يكون قبل صيام الإيام الست من شوال، أي قبل صيام الست من شوال، وذلك لقول النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم ” من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر” ولو لم يكف الشهر، أي شهر شوال للقضاء والست يبدأ بالقضاء، فيبدأ بالواجب، بل إن صيام الكفارة الواجب يقدم على الست ولا قضاء للست بعد شوال، ولكن يصوم من ذى القعدة إذا لم يكفي الوقت لإستدراك ما يمكن إستدراكه من الخير، والأفضل النية لصيام الست من الليل أحسن خروجا من خلاف أهل العلم، ولكن من أصبح فصام في الصباح ونوى ولم يأكل شيئا فصيامه صحيح، ونفله مقبول عند الله تعالي.
والصائم متطوع يجوز له أن يفطر أثناء النهار، لحديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت ” قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء؟ قالت فقلت يا رسول الله ما عندنا شيء، قال فإني صائم قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت له هدية، قالت فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أهديت لنا هدية وقد خبأت لك شيئا، قال ما هو قلت حيس طعام من التمر والأقط والسمن قال هاتيه فجئت به فأكل ثم قال قد كنت أصبحت صائما وقال طلحة فحدثت مجاهدا بهذا الحديث، قال”ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها” رواه مسلم لكن إن سلمها للفقير لا يجوز له الرجوع فيها، فإذا حثوا النساء على القضاء الحامل والمرضع كذلك الراجح عليهما القضاء فقط.
أفطرتا عن نفسيهما أو ولديهما، وإن أطعمتا مع القضاء أحسن، لكن الراجح أن عليهما القضاء فقط كالمريض، وكذلك نذكر الذين لم يخرجوا كل الزكاة بعضهم أخرج جزء من الزكاة في رمضان سارعوا بإخراج بقية الزكاة يرحمكم الله، ويا من أعتقه مولاه من النار إياك أن تعود إليها بعد أن صرت حرا من رق الأوزار، أيبعدك مولاك من النار وأنت تتقرب منها، وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحد عنها، إن كانت الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظالم لنفسه غير محجوب عنها، ورحمة الله واسعة، وإنا لنفرح بالأيام نقطعها، وكل يوم مضى يدنى من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا، فإنما الربح والخسران في العمل، لقد كنا نعيش رمضان بخيراته وبركاته، ونسعد بقيام ليله وصيام نهاره، ونفرح بتنافس المؤمنين فيه على الخيرات،
وإجتماعهم على الصلوات، وإمساكهم عن المعاصي والمنكرات، فما إن دخل هذا الشهر المبارك حتى ظلل المجتمع المسلم جو من الطهارة والنظافة، والخشية والإيمان، والإقبال على الخير وصالح الأعمال، وعم فيه إنتشار الفضائل والحسنات، وكسدت سوق الفواحش والمنكرات، وإعترى أهلها الخجل من إقترافها، أو على الأقل من المجاهرة بها وإعلانها، فكان للمتقين روضة وأنسا، وللغافلين قيدا وحبسا، وكانت المساجد فيه عامرة، والقلوب خاشعة، والأكف ضارعة، والنفوس زاكية، والألسنة بذكر الله تعالي لاهجة، أما اليوم فقد إنقضت تلك الأيام، وتم الصيام والقيام، وإنطفأت تلك المصابيح، وإنقطع إجتماعنا لصلاة التراويح، ورجعنا إلى العادة، وفارقنا شهر الطاعة والعبادة، فسلام الله على تلك الأيام.
وسلام الله على شهر الصيام والقيام، في ذمة الله يا شهر التلاوة والتسبيح، وفى دعة الله يا شهر التهجد والتراويح، وفي أمان الله يا شهر العبادة والإيمان الصحيح، ويا شهر المنافسة والمتجر الربيح، ويا شهرا يجود فيه حتى الشحيح، ويجتهد فيه حتى الكسيح، فسلام من الرحمن كل أوان، على خير شهر.