الفرحة بإنقضاء موسم الطاعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي بين لنا أفضل المسالك وأحسن الآداب ووفق من شاء من عباده لسلوكها وهو الحكيم الوهاب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وإليه المرجع والمآب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قام بالأخلاق الفاضلة، وأتمها، وحذر أمته من سفاسفها وأرذلها صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بآدابه، وانتهجوامناهجه، وسلم تسليما أما بعد إن بعض الناس يتصور أن ما حصل في شهر رمضان كافى للتكفير عن سيئات الأحد عشر شهرا القادمة، ولذلك فهو يحمل على ما مضى ويعول على ما مضى، وكأن هذا بإعتباره ونظره ما حصل منه كافى، مستند يستند عليه، ومتكأ يتكئ عليه لمعصية الله تعالى، وهو ما درى ربما رد على أعقابه ولم يقبل منه عمل واحد في رمضان، فإن مآسي ما بعد رمضان.
نكتشف ما حصل من البلايا في رمضان، تفريط، فهذا أكل مجاملة لمفطرين دخل عليهم المكتب وهم يأكلون فأكل معهم، وهذا وقع على زوجته في نهار رمضان وإنتهك حرمة الشهر الكريم بأسوأ مفطر من المفطرات وعليه الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع لمرض وعذر حقيقي لا تلاعب فإنه يطعم ستين مسكينا، فكيف بمن زنا في رمضان، وفعل الفاحشة في رمضان، ومن وطئ في قبل أو دبر حلال أو حرام بآدمي أو بهيمة لزمته الكفارة المغلظة، وهذا كلام العلماء لمن حصل له ذلك في نهار رمضان، وأن هناك قتلى حوادث السيارات في العيد، الذين يخرجون متهورين لا تسعهم الفرحة، الفرحة بالمعصية، الفرحة بإنقضاء موسم الطاعة، ماذا يكون حالهم؟ فإنها مآسي ما بعد رمضان، ولكن من هم الفائزون؟
فيقول الناس لبعضهم البعض في العيد من العبارات التي يقولها العامة ربنا يجعلك من العائدين أو من الفائزين، ولكن هل تعلمون من هم الفائزون؟ فقال الله تعالى ” فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” ولقد غادرنا رمضان وترك في قلوبنا شيئا من الحزن وغصة في النفس، ولكن هذا شهر مبارك الذى نحن فيه أيضا وهو شهر شوال، وعوضنا الله بأشياء به تبتدئ أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة، ويأتي بعده موسم الحج بأشهر الحج دلالة على الإستمرار في الطاعة، وحتى لا ينسى الناس العبادة، فإنه موسم عظيم بعد موسم عظيم وفي هذا الشهر شهر شوال الست أيام، وقضاء الإعتكاف، فقد اعتكف النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم عشرا من شوال، لما فاته الإعتكاف في رمضان، وربما كان يفوته في الغزو والجهاد، وهو شهر بناء ونكاح وإعفاف بالحلال.
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها “تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، وكانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تستحب أن تدخل نساءها في شوال” كما جاء في صحيح مسلم، فعليكم أن تتذكروا بعض الأحكام الشرعية فى من فاته شيء من شهر رمضان كالمسافر والمريض والحائض والنفساء فإنه يقضي بعدد الأيام التي أفطرها لقول الله تعالى ” فعدة من أيام أخر” فإن كان الشهر ثلاثين وأفطره لزمه ثلاثين، وإن كان تسعة وعشرين فأفطره لزمه تسعة وعشرون، ويجوز أن يقضيه متتابعا أو مفرقا وهذا هو الراجح، فإن الله تعالي لن يشترط التتابع وإنما أطلق فقال فعدة من أيام أخر، وتنبغي المبادرة إلى القضاء، والأولى أن يكون من حين زوال العذر لأنه أسبق إلى الخير وأسرع في إبراء الذمة
ويجوز أن يؤخره حتى لا يكون بينه وبين رمضان الثاني بعدد الأيام التي بقيت، ولا يجوز تأخير القضاء أكثر من ذلك أبدا، ومن فعله فهو عاصي وعليه التوبة والكفارة، وهي كفارة التأخير، ولكن من أخر لعذر فليس عليه شيء، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها ” كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان” ومن شرع في صوم واجب كالقضاء أو الكفارة والنذر فلا بد له من إتمامه وليس مخيرا في الإفطار، ولا بد من نية لصيام القضاء من الليل.