أوصيكم بشرف نصرة الدين .. الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و خليله وخيرته من خلقه، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، ومحا الظلمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله و صحبه ومن دعا بدعوته واقتدى بسنته إلى يوم الدين أما بعد إن الحديث عن الوطن والحنين إليه وحب الوطن يذكر المؤمن بالله تبارك وتعالى بالوطن الأول ألا وهو الجنة، نعم، ذلك هو موطننا الأصلي الذي غفل عنه معظم الناس، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله المؤمن في الدنيا مهموم حزين، همّه التزود بما ينفعه عند العود.

فمن حين خلق الله آدم عليه السلام وأسكنه هو وزوجته الجنة ثم أُهبط منها ووعد بالرجوع إليها وصالحو ذريتهما فالمؤمن أبدا يحنّ إلى وطنه الأول، وحب الوطن من الإيمان، وكان الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول “إن الدنيا قد إرتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد إرتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل” وإن من حق الوطن علينا هو الجهاد في سبيله، وكما يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد وهي مرتبطة بمجالات الحياة كلها، وهكذا حتى عندما يكون هناك قتال صحيح مع العدو، فإن جهاد كل واحد بحسبه، فالطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم، وأهل الأموال بأموالهم، ويبقى بقية في البلد يقومون بشؤونها.

ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة، لتستمر عجلة الحياة في الدوران، وكما ينبغي للمؤمن أن يحدث نفسه بالجهاد، وشرف نصرة الدين، وإذا صدق في سؤال الله الشهادة، بلغه الله منازل الشهداء، فقد روى الإمام مسلم من حديث سهل بن حنيف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من سأل الله الشهاده بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه ” ويجب علينا أن نعلم أن الابتلاء هو سنة من سنن الله تعالى في هذه الحياة، فدار الدنيا دار بلاء، فقد قال الله عز وجل، موضحا فى كتابه الكريم فى سورة البقره “ولنبلونكم بشئ من الخوف، والجوع، ونقص من الأموال، والأنفس، والثمرات، وبشر الصابرين ” وهذا الابتلاء ميدان تظهر فيه مكنونات النفوس، ومخفيات الصدور، كما قال الله تعالى فى سورة الأنفال.

” ليميز الله الخبيث من الطيب” وقال سبحانه وتعالى أيضا فى سورة آل عمران “وليعلم الذين نافقوا” والمؤمن الصادق شاكر في السراء، وثابت في الضراء، وفي حكمة الابتلاء تستيقظ النفوس، وترقّ القلوب، وتصدق المحاسبة، وفي ساعات الابتلاء يتجلى الثبات في الشديد من اللحظات، وسط صرخات اليائسين، وتبرم الشاكين، وقلق الشاكين، وإن الاستقامة على الحق، وملازمة العمل الصالح، من أعظم أسباب الثبات في الأزمات والملمات، ولا تطمئن إلى ثبات من الكسالى والقاعدين إذا أطلت الفتن برأسها، وادلهمت الخطوب بويلاتها، ومن هنا يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة إبراهيم “يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخره ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى