الإسلام يعظم حرمة الدم الإنساني .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد إن الإسلام يؤكد كل معنى الحماية للمدنيين والعزل والضعفة ممن ليسوا أهلا للقتال، وليسوا في حال قتال، وإن ابن آدم الأول قابيل حين قتل أخاه ظلما فباء فإثمه وإثم أخيه، فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم قال ” لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها.
لأنه كان أول من سن القتل ” ويتحمل قابيل بن آدم كفلا من كل دم إنساني يسفح عدوانا في الماضي وفي الحاضر والمستقبل، فهى أكوام من الآثام المتراكمة، لماذا؟ لأنه أول من استباح دم نفس إنسانية، وأول من بسط يده بالقتل، وإن الإسلام يعظم حرمة الدم الإنساني، الويل ثم الويل لمن يقتل أنفسا، ويروع آمنين، ويدمر ممتلكات، يقصدهم في مساكنهم وأسواقهم، ومرافقهم، في أسواق ومرافق تعج بالرجال والنساء والأطفال، وإن المسلمون حين يقفون مع العالم كله في هذا الشجب والإدانة والاستنكار للإرهاب ومحاربته، فإنما يشاركون في ضبط المسار، وترشيد الوجهة، والبعد عن صراع الحضارات، وإنها فرصة مناسبة لمراجعة الأوضاع، والنظر في السياسات في حقوق الإنسان، وضوابط الحرية، ومقاييس العدل، والتعامل مع كل هذه المبادئ.
كقيم جوهرية، وحقائق ثابتة، بعيدا عن الانتقائية المصلحية، فإن المطلوب هو نظر شمولي يتوجه إلى معالجة المشكلة، لا إلى إيجاد مشكلة، أو مشكلات تكون أكثر أو أكبر، علاج بعيدا كل البعد عن عقلية الانتقام والقتل والتدمير، وإثارة نزاعات حضارية ودينية وعرقية، تضع العالم كله في ميدان حرب أو حروب لا نهاية لها، بل تقودها إلى جرائم تولد جرائم، فإن الأمر يحتاج إلى سياسات جديدة لا إلى حروب جديدة، يجب أن يسود العقل والمنطق والنظام، لا بد من تجاوز العواطف وردود الأفعال من أجل قرارات حكيمة، لا ينبغي أن تبنى السياسات الدولية على الثأر والانتقام فذلكم مصيدة مخيفة، وشراك مميتة، في عالم متقدم يسوده النظام والقانون، وحذار أن يدفع الإرهابيون عقلاء الأمم ليفكروا بالطريقة الإرهابية نفسها، وهى تلك الطريقة الحمقاء.
التي تعتمد على الكراهية والتمييز والانتقاء، فحذاري من تسميم العقول، وتسميم الخطاب، وتسميم التفكير، فيا عقلاء العالم، إن الفرق كبير بين تحرّي العدل والعدالة، وطغيان عقلية الثأر والانفعالية، والبون واسع بين الرؤية الشمولية السالمة من الانتقائية والانحيازية، وبين اعتماد حلول عاجلة باطشة، وهي أشبه بالمسكنات الآنية، ولكنها ربما تضاعف من ظاهرة الإرهاب، وتزيد من شراستها، وتغلغلها، الحذر من الوقوع في فخ الإرهاب حين علاج الإرهاب، ويجب أن تصدر الأحكام بأناة وهدوء، وتحرى وتعقل، فلا تلقى باللائمة إلا في مكانها، وإذا لم يحافظ العقلاء وأصحاب القرار على جوهر الأخلاق في أيام المحن والأزمات فقد تتحول محاربة الإرهاب إلى إرهاب، ويقرن ذلك قرآنه بحق الله في إخلاص التوحيد، والخلوص من الشرك.
فيقول الله تعالى فى سورة الفرقان “والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق” ويقول أيضا سبحانه وتعالى فى سورة المائده “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”