الاحتلال يغلق مدارس “الأونروا” بالقدس: حملة ممنهجة لتهميش اللاجئين

تواجه القدس المحتلة فصلاً جديدًا من الهجوم الإسرائيلي على الوجود الفلسطيني، بعدما أصدرت سلطات الاحتلال أوامر بإغلاق ست مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) خلال ثلاثين يومًا، في خطوة تهدد مستقبل 800 طالب لاجئ وتهدف إلى تقويض أحد آخر معاقل الدعم الأممي في المدينة.

ويأتي القرار في إطار سياسة إسرائيلية متصاعدة لإقصاء الوكالة الدولية من القدس، والتضييق على حق اللاجئين الفلسطينيين في التعليم، في محاولة لفرض نظام تعليمي يخدم أجندة “أسرلة” المدينة ويفصل الأجيال الناشئة عن هويتها الوطنية.

أجندة إسرائيلية لإنهاء ملف اللاجئين

كما يرى أستاذ القانون محمود أبو صوي أن هذا الإجراء يُعد محاولة لإلغاء وجود الأونروا في القدس كجزء من مخطط أوسع لتصفية قضية اللاجئين سياسيًا، حيث تُستهدف رمزية الوكالة كممثل شرعي للاجئين وتُستبدل مدارسها بمؤسسات تابعة لبلدية الاحتلال تفرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة قسرًا.

وحذّر أبو صوي من أن هذه الخطوة تخالف جملة من الاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاقية جنيف الرابعة، واعتبر أن فرض مناهج تتعارض مع ثقافة وهوية الفلسطينيين يُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي.

استمرار الضغط على الأونروا

ومن جهته، أشار الباحث المقدسي مازن الجعبري إلى أن القرار الإسرائيلي يأتي امتدادًا لإغلاق مقر الوكالة في حي الشيخ جراح والاعتداءات على مقارها، في إطار خطة ممنهجة لإنهاء أي وجود دولي يُمثل قضية اللاجئين في القدس. ودعا إلى تحرك فلسطيني أممي منسق لمنع تنفيذ المخطط.

الأونروا ترفض وتتعهد بالثبات

وأكد المتحدث باسم الأونروا عدنان أبو حسنة تمسّك الوكالة بعملها، مشيرًا إلى أن المدارس التي تستهدفها سلطات الاحتلال تُعد منشآت محمية بموجب القوانين الدولية، وأن الأونروا ستستمر في تقديم خدماتها رغم هذه الضغوط المتزايدة.

قلق من فقدان مقاعد الدراسة

كما أبدى الخبير في شؤون الأونروا سامي مشعشع تخوّفًا من أن غياب بدائل فلسطينية سيُمهّد الطريق أمام بلدية الاحتلال لفرض مدارسها كخيار وحيد أمام العائلات، محذرًا من ضياع جيل كامل إذا لم يتم التحرك العاجل. وانتقد اقتصار رد الوكالة على البيانات المتكررة، معتبرًا أن الوضع يتطلب تحركًا ميدانيًا عاجلًا.

قانون الكنيست: ذريعة لطرد الأونروا

وأوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي عدنان الأفندي أن القرار يستند إلى قانون أقرّه الكنيست في أكتوبر الماضي، يمنع الأونروا من العمل في مناطق تعتبرها إسرائيل خاضعة لـ”سيادتها”، ما يمنح الاحتلال غطاءً قانونيًا لطرد الوكالة من القدس.

كما أكد الأفندي أن الأمر يتجاوز كونه تعليميًا، إذ يسعى الاحتلال من خلاله إلى إلغاء أحد أبرز الشواهد على وجود اللاجئين الفلسطينيين، داعيًا إلى الطعن القانوني العاجل في القرار والتوجه للمحاكم الإسرائيلية والدولية.

مستقبل غامض لأطفال القدس

واختتم الأفندي بتحذير من كارثة تعليمية إن لم تُوفّر بدائل حقيقية للطلاب، مشيرًا إلى أن الأهالي لن يكون بمقدورهم تحمّل نفقات التعليم الخاص، ما يعني أن شريحة واسعة من الأطفال ستواجه خطر التجهيل المتعمد، في واحدة من أخطر حلقات الحرب على الهوية الفلسطينية في القدس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى