التربية بالأخلاق .. بقلم/ الزهرة العناق

 

التربية بالأخلاق هي غرس للقيم لا تلقين السلوك.

التربية بالأخلاق ليست مجرد دروس مدونة بالكراسات و محفوظة في المدارس من أجل اجتياز امتحان و الحصول على أعلى درجة، أو توجيهات مكررة تلقى على مسامع الأبناء، بل هي زراعة لقيم راسخة، تسري في الروح كما يسري النسيم في الورود، تثمر صلابة في المواقف، ورقة في التعامل، و اتزانا في النظرة إلى العالم.

في مجتمعات أصبحت تغمرها المظاهر وتثقلها صراعات المصالح، يغدو غرس الأخلاق فعلا ثوريا، لا يمارس بالتوبيخ ولا ترسخه العقوبات و الحرمان، بل يبنى بالقدوة، و الصبر، و الاحترام المتبادل.

التربية بالأخلاق لا تعني تشكيل الإنسان كما نشاء، بل تعني مساعدته على اكتشاف خصاله، وتعزيز نزاهته الذاتية التي لا تهتز بغياب الضمير.

الأخلاق ليست رداء نلبسه أمام الناس ونخلعه في العزلة، بل هي ما يفعله المرء حين لا يراه أحد. والتربية التي تفلح في ترسيخ هذه القناعة تنتج أجيالا لا تساوم على مبدأ، ولا تغتر ببريق زائل.

من يربي أبناءه على الصدق لا يقول لهم “كونوا صادقين”، بل يكون صادقا أمامهم، حتى في أصعب المواقف. من يريد أن يعلمهم الحياء، لا يملأ أفواههم بالكلام، بل يظهر متزنا في حضوره، أنيقا في سلوكه، لطيفا في كلماته.

التربية بالأخلاق تبدأ من القلب، وتمارس بالحياة اليومية، لا بخطب تلقى في المناسبات.

كم من أب صامت، وأم هادئة، أنجبا أبطالًا في الأخلاق، لأن أفعالهم كانت أبلغ من كلماتهم. و كم من ولي أمر ضجت خطبه بالمواعظ، لكنه عجز عن غرس ولا قيمة من القيم في أبنائه، لأن سلوكه كان خاليا من الصدق.

أخيرا وليس آخرا، في زمن تزداد فيه التحديات التربوية، وتتنوع المؤثرات التي تحاصر الناشئة، تصبح التربية بالأخلاق هي الحصن الوحيد الذي يضمن للإنسان إنسانيته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى