تربية اللسان.. عبادة العارفين وسمة المتقين

الزهرة العناق

 

اللسان، وإن كان من أصغر الجوارح، فهو أبلغها أثرا، و أسرعها كشفا للأسرار. به يعلو المرء إلى مراتب النور، أو يسقط في الهاوية. وتربيته ليست ترفا خلقيا، بل عبادة لا يراها إلا الله، وميدان الجهاد يعرفه أهل البصيرة.

اللسان إذا خلع من لجام التقوى، أصبح سيفا يقطع الأرحام، ويشعل نار الفتن، ويهدم ما لا تبنيه الجبال في أعوام. وإن أُدب بذكر الله، وتهذب بمراقبة الحق، صار منبعا للخير، ومأوى للطمأنينة، ودعامة لبناء القلوب.

وقد قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: “مَن كان يؤمن بالله و اليومِ الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت”، ففي الكلمة ما يكتب في سجلات الملائكة، وما يوزن يوم تنشر الصحائف، وهي إما نور يجري في الميزان، أو ظلمة تجر صاحبها إلى عار لا يمحى.

تربية اللسان، في جوهرها، تربية القلب، و الكلمات لا تخرج من الأفواه فقط، بل من أعماق الروح. فإن صفا القلب، رق اللسان، وإن تعكر، فاض بالأذى وإن تزين. و الكلمة الصادقة عبادة، والكلمة الجارحة سهم مسموم، ورب كلمة قيلت في لحظة غضب، أهلكت عمرا من الصلاح.

فيا من يرجو رضا الله، و يصلي صباحا مساء، اجعل من لسانك وردا لا وردة شوك، وحارسا على قلبك لا سيفا على صدورِ الناس. اجعل الصمت حين يعلو الجهل عبادة، والكلمة الطيبة حين يندر اللطف صدقة، و ذكرك لربك زادا يطهر ما علق في لسانك من غفلة.

وتذكر ، لا شيء يبدي جمال الإيمان مثل لسان عف عن اللغو، وارتقى بالقول إلى مقام الصدق والإحسان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى