المسلمون يصنعوا العريش لرسول الله .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن غزوة بدر الكبري، وقيل أنه بعد نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على أدنى ماء بدر من قريش، إقترح سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء عريش له يكون مقرا لقيادته ويأمن فيه من العدو، وكان مما قاله سعد فى اقتراحه يا نبي الله، ألا نبنى لك عريشا تكون فيه ثم نلقى عدونا.
فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا، فقد تخلف عنك أقوام، يا نبى الله، ما نحن بأشد لك حبا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، ويناصحونك، ويجاهدون معك، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير، ثم بنى المسلمون العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على تل مشرف على ساحة القتال، وكان معه فيه أبو بكر الصديق، وكانت ثلة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ يحرسون عريش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بات المسلمون تلك الليلة، التى هى ليلة المعركة، وقد أنزل الله تعالى على المسلمين فى تلك الليلة النعاس والطمأنينة، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الأنفال.
” إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ” فقال القرطبى وكان هذا النعاس في الليلة التى كان القتال من غدها، فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم، وكأن الله ربط جأشهم” أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ظل يصلى ويبكي حتى أصبح، فقال الإمام على بن أبى طالب ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخطيط للمعركة، فصف المسلمين فاستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه فاستقبل أعداؤه الشمس، أى جعل الشمس فى ظهر جيشه وفي وجه أعدائه حتى تؤذى أشعتها أبصارهم.
كما أخذ يعدل الصفوف ويقوم بتسويتها لكى تكون مستقيمة متراصة، وبيده سهم لا ريش له يعدل به الصف، فرأى رجلا اسمه سواد بن غزية، وقد خرج من الصف فضربه في بطنه، وقال له استوى يا سواد، فقال يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدنى، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال “استقد” فاعتنقه سواد فقبّل بطنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما حملك على هذا يا سواد؟ فقال “يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك يا رسول الله” فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، ثم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصدار الأوامر والتوجيهات لجنده، ومنها أنه أمرهم برمى الأعداء إذا اقتربوا منهم، وليس وهم على بعد كبير، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“إن دنا القوم منكم فانضحوهم بالنبل” كما نهى عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم” كما أمر الصحابةَ بالاقتصاد فى الرمى، قال “واستبقوا نبلكم”