سيناء قطعة حية من التاريخ والأسطورة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد إن سيناء المباركة لأهميتها عند المسلمين وغير المسلمين وكبر حجمها وتاريخها تكثر حولها المؤامرات والمواجهات، فسيناء سد وحد، وفاصل ومانع وعقبة في وجوه الأعداء قديما وحديثا، فسيناء تاريخ وحضارة وجمال وجلال ومقدسات، فسيناء ليست مجرد إسم جغرافي لمساحة من الأرض نعرفها بحدودها ومساحتها وتضاريسها ومناخها ومواردها الطبيعية وسكانها، مثل مناطق كثيرة هنا وهناك على إتساع الدنيا وإنما هي قطعة حية من التاريخ والأسطورة

وقصص الأديان السماوية، فهذه الأرض الساحرة الباهرة التي تشكل ما يقرب من ستة بالمائة من إجمالي مساحة مصر، ترتبط بالتاريخ أكثر مما تنتمي إلى الجغرافيا، وتحكى كل قطعة فيها قصصا وسرديات تتعلق بمصائر البشر أكثر من عدد آنات الزمن الذي يمضي لتدوس عجلته فوق السنين والقرون، وتحكى عن الأسطورة والتاريخ، والدين والحرب والبطولة، والعادات والتقاليد، وحياة الناس ومشاعرهم ومتاعبهم أكثر مما تهتم بما يخرج من أحشائها من معادن، وأحجار كريمة، بترول وغاز وفحم، فسيناء كل هذا وأكثر، وإن من أهميتها ومكانتها أنها أرض شهود الوحي الإلهي وحوار الله تعالي مع نبيه موسى عليه السلام، وإن ذكر الله عز وجل لسيناء في القرآن الكريم فيه تعظيم وتشريف لها وما يزيدها تشريفا أكثر أن الله كلم كليمه ورسوله موسى عليه السلام على هذه الأرض.

ففيها “جبل الطور” فمن بين جبال الكرة الأرضية ينفرد من بينها جبل الطور ليشهد الوحي الإلهي، وأول حوار دار بين الله تعالى ونبيه موسى عليه السلام قال تعالى ” وكلم الله موسي تكليما ” وهناك قرّب الله تعالى نبيه موسى عليه السلام فكان بالجانب الأيمن فقال تعالى ” وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ” والمشهور عند أكثر العلماء أن الله سبحانه وتعالى ناجى نبي الله موسى عليه السلام عند جبل الطور المعروف بسيناء، واعلموا أن شبه جزيرة سيناء تحتوي على أقدس مقدسات اليهود، فمن جانب الطور الأيمن نودي نبي الله موسى عليه السلام وعليه تلقى الألواح، وبها صخرة العهد، وسيناء هي أرض التيه، ما يجعل أطماع اليهود تحوم في فلكها، وقد تربى أبناؤهم على عقيدة أن جزيرة سيناء هي قلب مملكتهم الموعودة.

وما فلسطين إلا جزءا صغيرا من تلك المملكة التي تضم سيناء وفلسطين وشرق الأردن وقسما من سورية والعراق حتى الرافدين، وأما عن أطماع اليهود في سيناء والتي يربطونها بالمعتقدات اليهودية والتاريخ الإسرائيلي فيرى بعض المؤرخين أن قصص التلمود ونبؤات الأقدمين وأسطورة الشعب المختار ليست في الواقع إلا وسيلة من وسائل التعبئة والإقناع يستخدمها القادة والموجهون الصهاينة لدفع الشباب اليهودي نحو هذه الأهداف التوسعية الإستعمارية، وإن كانت لا تمثل في الواقع أمرا مهما فالتوسع الإستعماري يعتمد على النفوذ قبل أية حجة، وهكذا فإن سيناء هي أرض مقدسة مباركة وصفها الله بالبقعة المباركة فقال تعالى ” فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ” وفى موضع آخر يصفها رب العزة جل وعلا بالوادي المقدس أي الذى تقدس فيقول تعالي ” فلما أتاها نودي يا موسي إني أنا ربك فاخلع نعليك غنك بالوادي المقدس طوي “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى