أنا فلسطين..أنا اليتيمة : الكاتبة/ الزهرة العناق

 

أنا فلسطين

كانوا يقولون عني أنني أرض الزهر والأنهار،

وأنا لم أر زهرة تكتمل في راحتي،

ولا نهرا يسير دون أن تغرقه الدموع.

أنا فلسطين

أنثى من وهج التراب،

جسدي مصلوب على خرائط متكسرة،

و روحي تحاصرها أسلاك الكلام المغبون.

لم أعرف الحرية إلا إسما،

ولم أتذوق السعادة إلا خيالا

كل فرح مر بي كان شبحا

كل وطن وعدت به كان غيمة تتبدد قبل أن تمطر.

أنا فلسطين

سرقوا مني أشجار الزيتون

وسفراء الصباح الذين كانوا يطرقون أبواب قريتي

سرقوا طفولتي، و كل أيام أعيادي

سرقوا مني ضحكتي التي كنت أخبئها للغد

سرقوا حتى أغنيتي الصغيرة تلك التي كنت أدندنها بين جدران القلب.

قدري منصوص و محفور في قدس الكلمات،

مكتوب في صفحات القرآن:

﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾…

أرض مباركة، مغسولة بالدمع والصبر،

مباركة بي رغم جراحها،

مباركة بصمودي وإن كانوا لا يرون.

أنا فلسطين

امرأة لم تعش زمنها

كل شيء في حياتي كان مؤقتا:

بيت مؤقت

سلام مؤقت

دمعة مؤقتة

تعليم مؤقت

حتى الفرح، مؤقت

أعيش معلقة بين السماء والأرض،

لا أنا عانقت الغيم

ولا الأرض ضمتني كما يليق بالعاشقات.

أحمل مفاتيحي في قلب ممزق،

و أطوي وجعي في مناديل الانتظار الطويل،

أرتل أحلامي كما ترتل الأرامل أسماء الراحلين،

و أحفظ وجوه أبنائي الغائبين عني كما تحفظ الأم قصائد الحنين.

متى سأعتق؟

كيف سيهدى لي النور؟

لا يعلم سر ذلك إلا الله،

هو وحده الذي يعرف متى تكتمل دقات الحرية في صدري،

ومتى يصبح وجعي قمحا يفيض بين يدي

ومتى تحملني الريح إلى صبح لا يغادرني.

أنا فلسطين

أمضي بثوب الشوق

أزرع في كل خطوة نداء

وفي كل دمعة قسما

أنني و إن مت واقفة،

فلن أموت منكسرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى