إزالة الشبهات التي ربما خطفت ذهنا وأردت عقلا

بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الإحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن الحكم علي أي شيء يكون مبني على صحة التصور، وأن الحكم لا بد أن يعقب بقيوده وضوابطه، فإذا درس المرء الحق بقيوده، فلابد من إزالة الشبهات التي ربما خطفت ذهنا وأردت عقلا، وهذا معروف عند الأئمة ولذلك قالوا بحث المسائل الإعتقادية لا بد أن يكتمل من جميع الأوجه، وذكروا من ذلك أربعة أوجه مشهورة، وهي تصور المسأله على وجهها، ومعرفة قيودها مع الحكم وما يتبعه، ومعرفة ما يتعلق بلواحق المسأله من فروع وما إليه.

ومعرفة الشبهات مع تفنيدها، فإذا إجتمع للمرء في مسأله إعتقادية تلك الأوجه الأربعة على حقيقتها المعتبرة، فإن المنفعة تحصل والتأسيس يتحصل، وبه ينبت المرء ويكتمل، والله المستعان وعليه التكلان، ولقد بلغ الضلال بالخوارج حتى تقربوا إلى الله تعالي بقتل أفضل وأخير أهل عصره إبان إمارته للمؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ قتله عبدالرحمن بن ملجم المرادي عليه من الله ما يستحق، ويقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن، وقد مدح عمران بن حطان عبد الرحمن بن ملجم بأبيات منها عائذا بالله من الضلال، يا ضربة من تقي ما أراد بهـا إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا، إني لأذكره يوما فأحسبه أو في البرية عند الله ميزانا، وصار الحجاج يطارد عمرانا أيام ولايته بالعراق، فكان عمران يتنقل من حي إلى حي متخفيا.

وقيل أهدر عبد الملك دمه وما ان طرقت سمع الفقيه الطبري هذه الأبيات حتى رد عليه قائلا ” يا ضربة من شقي ما أراد بها إلا ليهدم من ذي العرش أركانا، إني لأذكره يوما فألعنه وألعن الرجس عمران بن حطانا ” وعند الحافظ ابن كثر رحمه الله لما مات علي رضي الله عنه طلب ابن ملجم من الحسن أن يطلقه ليقتل معاوية رضي الله عنه، فقال له الحسن كلا والله حتى تعاين النار، ثم قدمه فقتله ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم أحرقوه بالنار، وقد قيل إن عبد الله بن جعفر قطع يديه ورجليه وكحلت عيناه، وهو مع ذلك يقرأ سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى آخرها، ثم جاؤوا ليقطعوا لسانه فجزع وقال إني أخشى أن تمر علي ساعة لا أذكر الله فيها، ثم قطعوا لسانه، ثم قتلوه، ثم حرقوه في قوصرة والله أعلم، وقال الإمام علي رضي الله عنه

إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فوالله لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة” رواه البخاري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى