الدكـــروري يكتب: الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله

الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات، أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات، شهادة تقود قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا ثم أما بعد إن للتكفير ثلاث حقائق معروفة، أولها هو الحقيقة اللغوية حيث أرجع ابن فارس في مقاييس اللغة الكفر من حيث الأصل إلى التغطية، وهذا المعنى متفق عليه، وثانيها فهو معنى وحقيقة الكفر في الكتاب والسنة.
ومرد ذلك في النص الشرعي إلى خمسة معان، ذلك أن النصوص في الكتاب والسنة جرت على هذا المجرى، وقد ذكر ذلك جماعة ومن أولئك ابن الجوزي، كما في كتابه نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، وذكر الخمسة عن الفقهاء حكاية، فالأول وهو إطلاق الكفر على أنه المضاد للتوحيد، والثاني وهو إطلاق الكفر على أنه ضد النعمة، ويقال كفر بالنعمة، أي أنه ردها أو لم يقم شكرها على وجه الشكر الصحيح شرعا، وأما عن الثالث فهو التبري، وأما عن الرابع وهو ما يتعلق بمعنى الجحود، وخامسها وهو التغطية وهو المعنى الأصيل للكَفر والكُفر في اللغة العربية، وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ” وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم أننا نكفّر بالعموم ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله”
وقال الإمام أيضا وأما القول بأنا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم” وقال أيضا رحمه الله موضحا من يكفّر ومن لا يكفّر “فإن قال قائلهم إنهم يكفرون بالعموم، فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم الذي نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد ويسميهم خوارج ويتبيّن مع أهل القبب على أهل التوحيد” وفي هذا النص من الإمام الرد على الطرفين من اتهموه بالتكفير بالعموم ومن اتهموه بعدم التكفير بإطلاق فالشيخ هنا قد كفّر من زايل أهل التوحيد ووالى أهل الإشراك وعبّاد القبور وتولاهم ضد الموحدين وناصرهم عليهم وأن هذا مكفر مخرج من الملة حتى وإن زعم أن التوحيد حق لأنه قد نقضه بفعله وردته، وقال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
في فضح ذلك التخرص والتخوض في الباطل ” وأما ما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا على الخلق بأننا نكفر الناس على الإطلاق من أهل زماننا فجوابنا سبحانك هذا بهتان عظيم فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى” وسئل ابنا مجدد الدعوة والشيخ حمد بن ناصر عما قيل من تكفيرهم لبعض المتقدمين فأجابوا “ما ذكرت أننا نكفر ناسا من المتقدمين وغيرهم فهذا من البهتان الذي أشاعه عنّا أعداؤنا ليجتالوا به الناس عن الصراط المستقيم ونحن لا نكفر إلا رجلا عرف الحق فأنكره بعدما قامت عليه الحجة” وفي موضع آخر حين سئلوا هل تعتقدون كفر أهل الأرض على الإطلاق؟ أجابوا ” أما تكفير أهل الأرض كلهم فنحن نبرأ إلى الله منه من هذا” فهم لم يكفروا بإطلاق ولم يمتنعوا من التكفير بإطلاق بل بالحق والإنصاف، لا بالظلم والإعتساف.
وبيّنوا أحكام قيام الحجة الرسالية من عدمها والتوابع التطبيقية لذلك، وقال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ” ولكن في أزمنة الفترات وغلبة الجهل لا يكفر الشخص المعين بذلك أي سؤال الميت والاستغاثة به حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ويبين له ويعرف أن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله، فإذا بلغته الحجة وتليت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم أصرّ على شركه فهو كافر بخلاف من فعل ذلك جهالة منه ولم ينه عن ذلك فالجاهل فعله كفر ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغ الحجة إليه، فإذا قامت عليه الحجة ثم أصرّ على شركه فقد كفر ولو كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويصلي ويزكي ويؤمن بالأصول الستة”