في فلسطين.. العمال لا يحتفلون بل يقاومون

في فلسطين، لا يأتي عيد العمال مزينًا باللافتات الحمراء ولا محمّلًا بخطابات المسؤولين… بل يصل مثقلاً برائحة البارود، محاطًا بذكريات الشهداء، محمولًا على أكتاف الموجوعين.

وفي الأول من مايو، لا تُسمَع أصوات الموسيقى في شوارع غزة، بل دويّ الغارات… لا تُرفع شعارات تحسين ظروف العمل، بل تُرفع الأنقاض عن جثامين عمال خرجوا صباحًا يبحثون عن قوت أطفالهم، فعادوا ملفوفين بالعلم.

كما أن العامل الفلسطيني ليس مجرد رقم في تقارير البطالة أو فقرة في نشرات الأخبار، بل هو بطل يومي يقف بين أنياب الاحتلال والحصار، يحاول أن ينتزع من قلب العدم فرصة حياة.

وفي غزة، أكثر من 68% بلا عمل، ومن يعمل لا يتقاضى ما يكفي ليعيش.

وفي الضفة، تُصادَر الأيام على الحواجز العسكرية، وتُختصر الكرامة في تصريحٍ أمنيّ مشروط.

أما القدس، فالحكاية هناك تكتبها الجرافات والتضييق الممنهج، والعمال هم أول ضحاياه.

ثمانية عشر شهيدًا منذ بداية العام… بعضهم قضى على الطرقات، والبعض الآخر بين آلات العمل، لا تأمين، لا ضمانات، لا حماية قانونية. حتى الموت، هنا، لا يعترف بهم كضحايا، بل كأرقام هامشية.

تجاهل دولي، وعجز مؤسساتي، وصمت نقابي، كل ذلك يثقل كاهل من لا يملكون سوى أجسادهم سلاحًا في معركة البقاء. لكن رغم كل ذلك، لا تنكسر الإرادة. فالعامل الفلسطيني لا يطلب شفقة، بل حقًا. لا ينتظر بيانًا دوليًا، بل فتح المعابر وإسقاط الجدران.

في فلسطين، عيد العمال ليس وقفة احتفال… بل وقفة صمود.

ليس يوماً للنزهة… بل يوماً يُضاف إلى عمر النضال الطويل.

هنا، كل عامل هو مقاوم، وكل يوم عمل هو جبهة جديدة.

 

بقلم: أماني يحيي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى