من رماد الحرب.. رغيفٌ من المعكرونة

في غزة، حيث لا شيء يشبه الحياة سوى الإصرار على البقاء، باتت كل وجبة تُنتزع من أنياب المستحيل، تحت قصف متواصل وانقطاع شبه كامل للمؤن، حوّلت العائلات الغزية بقايا المعكرونة إلى خبز بديل بعدما أصبح الدقيق نادرًا، بل ترفًا لا تقدر عليه سوى قلة.

واحدي الأمهات اللواتي طوعن المستحيل سامية موسى تمضي ليلتها في نقع المعكرونة ثم عجنها ببقايا دقيق قديم، لتصنع منه خبزًا يكفي أولادها. تقول بنبرة حزينة لا تخلو من الكبرياء: “لم يعد الجوع مجرد حالة.. بل معركة نخوضها يوميًا بحيلنا الصغيرة كي لا نموت”.

لكن الحياة لا تكتفي بالضربات، فمؤمن المدهون، أحد سكان القطاع، وقع ضحية لطحين فاسد اشتراه بثمن باهظ وصل إلى 500 شيقل.

ولم يكن أمامه خيار آخر، فالسوق السوداء وحدها هي التي لا تعرف النقص. دفع الثمن مرتين: من جيبه ومن صحته.

ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد أزمة غذاء، بل انهيار إنساني بكل المقاييس، تقارير أممية تقول إن أكثر من مليون غزي يعانون من الجوع الحاد، بينهم آلاف الأطفال الذين تنهش أجسادهم الهزيلة آثار سوء التغذية.

رغيف مصنوع من المعكرونة قد يبدو تفصيلاً سرياليًا للعالم الخارجي، لكنه هنا عنوانٌ لمرحلة كاملة من تاريخ غزة؛ مرحلة تُختصر بكلمة واحدة: الصمود.

 

بقلم: أماني يحيي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى