المسلمون في المدينة يترقبون وصول النبي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد كان سماع أهل المدينة من الأوس والخزرج للبشائر بخروج النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود أمرا متكررا، فمن ذلك ما رواه حسان بن ثابت رضي الله عنه قال والله إني لغلام يفعه ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمه، ويعني حصنه يقول يا معشر يهود حتى إذا إجتمعوا إليه قالوا له ويلك ما لك ؟ قال طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به، وقال ابن إسحاق فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت.

فقلت إبن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ؟ فقال ابن ستين وقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إبن ثلاث وخمسين سنة، فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين، ولم تقتصر البشائر على المدينة فحسب، بل كانت في مكة أيضا، فكان في مكة يهودي يتاجر بها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل الليلة مولود ؟ فقالوا والله ما نعلمه، قال الله أكبر، أما إذا أخطأكم فلا بأس، فانظروا واحفظوا ما أقول لكم، ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات، كأنهن عرف فرس، لا يرضع ليلتين وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعيه في فمه، فمنعه الرضاع.

فتصدع القوم من مجلسهم وهم متعجبون من قوله وحديثه، فلما صاروا إلى منازلهم، أخبر كل إنسان منهم أهله، فقالوا قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدا، فالتقى القوم، فقالوا هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام ؟ فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي، فأخبروه الخبر، فقال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه، فخرجوا حتى أدخلوه على آمنة، فقال أخرجي إلينا ابنك، فأخرجته، وكشفوا له عن ظهره، فرأى تلك الشامة، فوقع اليهودي مغشيا عليه، فلما أفاق قالوا ويلك ما لك ؟ قال ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل، فرحتم به يا معشر قريش، أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب، ولقد كان اليهود لمعرفتهم بزمن خروج النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم أثره في ترقبهم هجرته إلى المدينة.

فهذا رجل من اليهود يصعد فوق حصن له في الأيام التي كان المسلمون في المدينة يترقبون وصول النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بعدما سمعوا بخروجه مهاجرا إليهم، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب، وفي رواية يابني قيلة يعني الأوس والخزرج هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، رواه الإمام البخاري، فاللهم يا سامعا لكل شكوى ويا كاشفا لكل بلوى، فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، وأقضي الدين عن المدينين، وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم يا حي يا قيوم اغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى