موقف الإسلام من التيارات المبدّلة والأفكار المُحدثة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد قيل أنه لما أتى التتار بقانونهم الكفري الياسق، أفتى شيخ الإسلام بكفرهم فاضمحل ذلك الأمر، وهذا من بركة التكفير بحق إذ لما علم الناس كفر هذا الطاغوت سقط من صدورهم ثم من واقعهم بحمد الله، وانظر كيف نفضت الأمة يديها من الجهمية ومنهم المعتزلة حينما أفتى الأئمة كأحمد بن حنبل بكفر مقالة القول بخلق القرآن وقبل ذلك وهو أحسم تكفير بحق علي مستوى الأمة تكفير أبي بكر والصحابة للمرتدين أتباع مسيلمة وسجاح وطليحة، وكذلك تكفيرهم لمن قاتل دون بذل شعيرة الزكاة على الصحيح.

وإستدلال الصدّيق بعين الحديث الذي واجهه به بعض الصحابة “إلا بحقها” حتى شرح الله صدورهم جميعا على ذلك فحفظ الله بهم الإسلامن فما من دليل صحيح يُحتج به في باطل إلا وفيه ما يبطل شبهته كما ذكره شيخ الإسلام، لذاك قال السلف حفظ الله الأمة بأبي بكر يوم الردة وبأحمد يوم المحنة، وعلى إمتداد الزمان حُفظ الإسلام من التيارات المبدّلة والأفكار المُحدثة بمثل تلك الأحكام الحازمة كحكم الردة والإفتاء بتكفير وقتل المرتدين والزنادقة كالحلاج ومعبد والجعد وغيلان، ناهيك عما سوى ذلك من الجلد والسجن والزجر والهجر ونحو ذلك من وسائل تحصين الأمة وحمايتها من هؤلاء وإقتلاع بدعهم وحماية الناس من وضر شرهم حتى لا يتبدل دين الرسول صلى الله عليه وسلم

والعبرة مما سيق تأمّل حال ابن آدم وأنه قد يخرج من ربقة الدين وينسلخ من ثياب الملة بأمر هين في عينيه، ولكن الخوف من جراءة وتسابق سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان على التخوض في أوحال التكفير بغير حق والإنطلاق مع لهيب الحماس بلا ضوابط شرعية ولا حكم مصلحية فينطلقون وقد قفزوا وتجاوزوا علم المشايخ وحكمة العلماء فتقع الداهية وتحلّ الكارثة، لذلك فللأهمية القصوى نقول إن هذا الكلام الكبير في الحكم بالكفر والإيمان، إنما هو من لدن علماء رسخت أقدامهم في آثار الرسالة وميراث النبوة، قد حازوا آلة الأصلين ومعادن العلم وذخائر الحكمة، فلا يأتين أحد ليس معه آلتهم العلمية، فيعنق في حرمة أديان الناس.

ويتخوّض في خطر دمائهم ويهتك غليظ أعراضهم بحجة أن السلف ومنهم علماء الدعوة يقولون بالتكفير والقتال، فالتنظير والتقرير شيء والإعمال والتطبيق شيء آخر، فأولئك الأجلّة من فحول العلم وجهابذة الدعوة قد ابتلاهم الله تعالي بأمور عظام تناطحت أمامهم فوّفقهم الله تعالى وثبّتهم، وعلى كل حال فنحن ننظر لهذه المسألة ونحن نعيش الأمن والسلم والرغد وقد نرى أمورا وتخفى عنا أمور أو خلفيّات أو وقائع أو أحداث أما هم فكانوا يعانون ويلات الحروب ويصطلون بنارها ويكتوون بحرّها وتدهمهم الأمور الكبار وتتطاحن بين أيديهم وعن أيمانهم وشمائلهم الفتن العميّة فصدروا عن ذلك بفتاوى حاسمة وبمسؤولية تامة، إذ هم قد بلغوا من العلم بالشرع والحال ما يؤهلهم للقيام بهذه المهمات الجسام رحمهم الله تعالى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى