الدكـــروري يكتب: باكروا الغدو في طلب الرزق

هالحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله ” رواه مسلم، لذلك ولكي ننال رحمة الله تعالي وتوفيقه قريبين منا ونحن نعمل يوصينا الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم بواجبات العمل وآدابه وأولها البكور إليه، ويدعونا الرسول صلي الله عليه وسلم إلى جانب إتقان العمل والإقبال عليه في حيوية ونشاط من أجل هذا يوصي بالبكور في السعي إلى العمل فيقول الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم.
” باكروا الغدو في طلب الرزق فإن الغدو بركة ونجاح” ولما كان الإلتزام بالدوام والتبكير إلى العمل من آداب العمل وبركته، حيث يكون النشاط موفورا، وتتحقق البركة، قال صلي الله عليه وسلم “اللهم بارك لأمتي في بكورها ” رواه الترمذي وابن ماجه، وهذه آداب العمل وواجبات العامل في الإسلام وغيرها كثير، فيها الراحة والسعادة والأمن والآمان للفرد والمجتمع، وفيها رضا الله تعالي وسعة رزقة وتتابع بره وحلول بركته، ومن آداب الرزق هو عدم مزاحمة الآخرين في طلب الرزق والبيع على بيع الآخرين فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا بيع أحدكم على بيع أخيه ” رواه البخاري، ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم محذرا من التكالب على جمع الرزق “إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله ” ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم.
” من أصبح آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها ” رواه الطبراني، ويحدثنا الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله صلي الله عليه وسلم فيقول جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يتلو هذه الآية ” ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ” فجعل يرددها ويقول ” يا أبا ذر لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم ” رواه أحمد، فإننا مطالبون بعمارة الأرض والسعي على الرزق ولكن ليس معنى هذا أن نتحول إلى أطماع مسعورة هذا ما يحذر منه الإسلام فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” من كانت همه الآخرة جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة ومن كانت الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له ” ومن صور إهتمام الإسلام بالعمل.
فقد وضع أسسا لأخلاقيات العمل ومفهومه وأبعاده، ولم يغض الطرف عن كل جوانب العمل في الإسلام، ومن أهم الأخلاقيات التي حددها الإسلام هو الإهتمام بحقوق العمال، ومنها مناسبة الأجر مع ما يبذله العامل من جهد، وعدم المماطلة في دفع الأجر للأجير، وأن يكون العمل مناسبا للعامل، والصّدق في العمل، وإتقان العمل، والأمانة، وعدم تأجيل العمل، وإستشعار رقابة الله سبحانه وتعالى أثناء العمل، فقد نظم الإسلام العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وجعل لكل منهما حقوقا وواجبات، فقد ضمن الإسلام حقوقا للعامل يجب على صاحب العمل أن يؤديها له، ومنها الحقوق المالية وهي دفع الأجر المناسب له، فيقول الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه” رواه ابن ماجه، وروي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال.
قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ” رواه البخاري.