نادية هارون تكتب: مصر .. ماذا بعد الإنتهاء من سوريا؟!

في السابق ومنذ إنشاء ما سمي بدولة إسرائيل لم تعترف سوريا قطّ بها كدولة ولم تقبل بدخول من يحملون جوازات سفر إسرائيلية إليها، كما كانت إسرائيل تنظر إلى سوريا كدولة عدو وتحظر على مواطنيها الذهاب إليها، ولم يسبق أن كان هناك علاقات دبلوماسية أو ثقافية أو إقتصادية بين البلدين، وخلال الحرب الأهلية السورية التي بدأت في عام 2011، كانت إسرائيل حذرة من الإنجرار إلى تلك الأحداث، لكن ومنذ سقوط الأسد قامت إسرائيل بأكثر من 70 توغلاً برياً في جنوب غرب سوريا منذ فبراير الماضي، دون أي مبررٍ أو ضرورة، فيما إعتقد السوريون في السابق أن إسرائيل كانت تستهدف نظام الأسد، وأن سقوط الأسد سيعقبه تهدئة إلا أنهم أيقنوا أخيراً أن إسرائيل تستهدف سوريا أيا كان النظام القائم سواء أكان معادياً لها أو حليفاً.

وفي الثاني من مايو الجاري إستهدفت طائرات إسرائيلية أهدافاً عسكرية سورية- والتي واجهها الطيران التركي وإنتهت دون صدام – بعد علم تل أبيب نقل تركيا معدات عسكرية وعزمها إنشاء قاعدة عسكرية في سوريا مما ساهم بمزيد من التوتر في العلاقات بين إسرائيل وتركيا، التي تحولت من التعاون إلى الشكوك وصدام صريح، وإستحواذ على أراضي سورية ومجالها الجوي، فإسرائيل إستحوذت على مناطق عديدة في الداخل السوري، بينما تتمتع تركيا بعلاقات قوية مع النظام السوري الجديد، وفي حين تهدف إسرائيل إلى إضعاف سوريا وتقسيمها إلى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية، وتدمير البنية العسكرية بها، تعمل تركيا على تقوية الدفاعات السورية، وكلا البلدين ينظران لسوريا على أن السيطرة عليها تضمن أمنها من الجانب الآخر، من هنا كان التفاوض والدبلوماسية هو الخيار الأمثل لكلا البلدين، لتقاسم السيطرة والنفوذ، وترسيم خطوط المصالح لكليهما على الأراضي السورية، وتفاديًا لحربٍ مباشرة.

على الجانب الآخر كان للضربات الإسرائيلية هدفاً آخر وهو تهديد النظام الجديد في سوريا ودفعهُ إلى إبرام إتفاقية سلام بينهما “وهذا مربط الفرس”، هنا جاء الدور الإماراتي حيث دخلت الإمارات في محادثات وساطة بين سوريا وإسرائيل، يعقبها زيارات متتابعة بين الأطراف الثلاثة، ولقاءات بين وفود أمنية وإستخباراتية من الدول الثلاث، بهدف إنهاء الصراع وبدء مرحلة من المفاوضات وتوقيع اتفاقية سلام، وتأتي المرحلة الأخيرة بلقاءات سياسية دبلوماسية لوضع بنود الإتفاقية، وربما إغراء حكومة دمشق بإعادة إدماج سوريا في النظام الاقتصادي والمالي العالمي، ووعود بمكاسب أخرى ربما يدفع ثمنها أيضاً من نسميهم الأشقاء العرب ليضمنوا أمن حليفتهم إسرائيل.

فهل كانت الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية للحد من النفوذ التركي ومنعه من إنشاء قواعد عسكرية بها؟ أم ذريعة ووفق مخطط لتدخل الطرف الإماراتي لتوقيع إتفاقية سلام مع النظام السوري؟، ومع موافقة بعض الدول العربية على تهجير الفلسطينين من قطاع غزَّة والضَّفة الغربية، فهل تلك الوساطة تتضمن مثل هذا الإتفاق بأن تكون سوريا هي وجهة المُهَجَرين؟ وإلى متى سيظل الموقف الأردني على توافق مع الموقف المصري في رفض التهجير؟.

وماذا إن تراجع الأردن عن موقفه، وإنتهت الدول الغربية الرافضة إلى الموافَقَة إذا ما دعت مصالحها، فهل ستظل مصر الدولة الوحيدة عربياً المانعة للتهجير؟ وكيف الحال وتلك القوى تلتف حول مصر لتعقد إتفاقاً مع السودان والصومال لتكون دولاً مستقبِله لتوطين الفلسطينين؟ وإلى متى ستظل مصر وحدها في مواجهة إسرائيل وأمريكا والأنظمة العربية الداعمة لمخططاتهما؟ بل إلى متى سيَصْمُد الصامِدُون ويصْمُت المجرمون الدَّاعُون إلى الدَّفع بمصر إلى آتون حربٍ بمفردها في مواجهة الصديق قبل العدو؟!!!! .

الخلاصة هي أن مصر تعلم جيداً بما هو آتٍ إنما تّبْطِيء الأحداث ريثما تكون في كامل الجاهزية والإستعداد، فهنيئاً لمن كان الله ظهيراً له والملائكة، وجحيما لمن كانت الصهيونية ظهيراً له وأعوانها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى