البعد عن كل مجلس تثار فيه الشبهات .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد لقد حذر الإسلام من السير وراء الشبهات والشائعات ووراء مروجي الفتن ونود من خطبائنا لو نقلو العلم للعالمين أن يجتنبوا الشبهات ويبتعدوا عنها ويفروا منها، تماما كما يفر الرجل من جرب أو وباء أو آفة أو عدو متربص أو ذئب ضار متوحش، وهذا الكلام هو من القرآن الكريم ثم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما القرآن الكريم فقد أمرنا بالبعد عن كل مجلس تثار فيه الشبهات، وإلا كان القاعد معهم دون أن ينهاهم مشاركا لهم في عبثهم وظلمهم بل هو مثلهم.

وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ” من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه، مما يبعث به من الشبهات” رواه أبو داود، وقياسا كذلك على قول النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها” متفق عليه، فمن سمع بمجلس أو بقناة تليفزيونية أو بموقع على الشبكة العنكبوتية تثار فيه الشبهات فليبتعد عنه ولا يقربه وليجتنبه وليحذر الناس منه، ولكن ما هو السبب في كل هذا الحظر والحذر من الإستماع للمشككين ومثيري الشبهات حول الدين؟ يجيبنا مصعب بن سعد رضي الله عنهما فيقول “لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين، إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه” رواه البيهقي، ويؤكد التابعي الجليل أبو قلابة فيقول “لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم،

فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون” رواه الدارمي، ويختصر الحسن البصري الأمر قائلا ” لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك” وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” والذي نفس محمد بيده، ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم” رواه مسلم، وجاء أن امرأة قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت “ما فعل رسول الله؟ قالوا خيرا، هو بحمد الله كما تحبين، فلما رأته صلى الله عليه وسلم قالت كل مصيبة بعدك جلل” ولما إحتضر بلال قالت امرأته ” واحزناه، فقال واطرباه، غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه ” ولما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه، قال له أبو سفيان ” أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك يضرب عنقه، وأنك في أهلك”؟

فقال زيد ” والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة، وإني جالس في أهلي” فقال أبوسفيان ” ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا” وكان خالد بن معدان لا يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه، ويسميهم ويقول ” هم أصلي وفصلي وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم، فعجل رب قبضي إليك”، حتى يغلبه النوم ” وقد كانت الجمادات فضلا عن المؤمنين تشتاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحبه وكذا البهائم، فقد كان عليه السلام يخطب إلى جذع نخلة، فلما صنع له المنبر، تحول إليه، فحنّ الجذع، وسمع الناس له صوتا كصوت العشار، حتى تصدع وإنشق، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فسكت، وكثر بكاء الناس لما رأوا به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” إن هذا بكى لما فقد من الذكر، والذي نفسي بيده، لو لم ألتزمه، لم يزل هكذا إلى يوم القيامة، فأمر به فدفن تحت المنبر” وكان الحسن البصري إذا حدث بهذا بكى وقال ” يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه بمكانه فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى