الصراع الدائم لن ينتهي بقلم : لواء / حسام سمير
يبدو أننا كثيرا لانرى الأشياء على حقيقتها ..لأننا نكتفى بقراءة العنوان ..يبد. أن ترامب قد أدرك المعنى ..فقد خرج علينا بالأمس ليعلن للعالم إتمام صفقة إطلاق سراح الرهينة الاسرائيلى الأمريكى مزدوج الجنسية وأن تسليمه سيتم خلال ساعات
لم تكن الصفقة فى حد ذاتها كغيرها من الصفقات التى تخص مثل هذه الملفات ..ولكن كانت الدهشة التى أصابت الجانب الاسرائيلى أكثر من غيره من دول العالم ..فقد تمت الصفقة مع حماس وبمشاركة مصرية قطرية ..وقد أدى ذلك إلى أن هذه الصفقة أحدثت نوعا من الاستغراب لدى القيادة الاسرائيلية ويمينها المتطرف ..فلم تعلم بها اسرائيل إلا فى خطواتها الأخيرة وهى خاصة بتنفيذ عملية الاستلام الذى باشرته هيئة الهلال الأحمر الدولى
ذلك جعل الحكومة المتطرفة تطلق عنان التصريحات المجنونة التى تعكس الأوضاع الاسرائيلية الأمريكية والطبيعة الحالية القائمة على اختلاف وجهات النظر فى أمور محورية ومفصلية لكل طرف
ترامب يريد أن يعيد الهدوء للمنطقة ويسترد زمام الأمور المنفلت ..وهو يعلم جيدا أن الوقت الذى يمضى يزيد الملف تعقيدا ..وقد ذهب بمفرده إلى اتفاق يبدو يلوح اتمامه فى الأفق مع الجانب الإيرانى مما استشاط غضب قادة اليمين المتطرف وأثار غضبهم . بينما يخرج عليهم بأيام قليلة ليعلن بنفسه عقد اتفاق منفرد مع الحوثيين ..وخلال اربع وعشرون ساعة يمطرون مطار جوريون فى قلب العاصمة تل أبيب بصواريخ كبدت الجانب الاسرائيلى خسائر فادحة وأوقفت حركة الطيران لمدة ليست بالقصيرة
وهناك يلوح فى الأفق اتفاق جديد يفصح عن صفقات أخرى مع حماس بشأن الإفراج عن باقى الرهائن ..بينما ترامب يزور الأراضى السعودية ومن بعدها دولتى الامارات وقطر وهو بعيدا عن كونه رئيسا لأكبر دولة فى العالم فلم ينسى أبدا أنه تاجر شنطة وأنه يعرف ماذا يبيع مقابل أن يقبض بينما تظل صفقة التطبيع السعودى الاسرائيلى أصعب الصفقات على الإطلاق وأكثرها تعسرا وقد تأتى بعد حين أو لاتأتى فهى مرهونة بالطلب السعودى الخاص بغزة
ترامب انتهج سياسة جديدة مع العالم أجمع منذ توليه مقاليد الحكم رافعا شعار اطلب المستحيل تحصل على المراد ..وقد بدأ يتحرك بشكل أكثر إيجابية عن الأشهر الماضية فعقد اتفاق تجارى مع الصين تجنبا لمواجهة التنين الأصفر الصاعد بقوة ليجلس على مقدمة الاقتصاد العالمى متربعا ..بينما أخذ ماأخذ من أوكرانيا باتفاقية المعادن النادرة والتى صدق عليها البرلمان الأوكرانى بالإجماع ..وهاهو الأن يلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا وهو بالطبع يعلم جيدا بأن روسيا لن تتنازل بأى حال من الأحوال عن جزيرة القرم التى سيطرت عليها عام 2016. .بينما يمكن التفاوض على مناطق الشرق الأوكرانى التى تسيطر عليها القوات الروسية وأن يتم اتفاق على انسحاب جزئى وفقا لجدول زمنى ..مقابل أراض تحكمها آلية معينة لكونها مناطق التماس بين الدولتين
الاتفاق الذى تم بين أمريكا وحماس كان ضربة قاصمة لنتنياهو وحزبه المتطرف ..الأمر الذى دعا الرجل إلى أن يخرج علينا بتصريحات تعكس شق الصف عندما أعلن أنه سيدفع بالجيش لاحتلال غزة وأن الحرب ستستمر حتى القضاء على حماس وتحقيق الانتصار المبين على حد زعمه حتى لو كانت هناك صفقة أخرى قادمة لتحرير عشرة من الأسرى تعقدها أمريكا برعاية مصرية قطرية بعيدا عن اسرائيل..بينما يعلن أن هناك 50٪ من الغزاوين يوافقون على الترحيل الطوعى وهى إشارة تعكس الضغط الذى تمارسه قوة الاحتلال الغاشم على سكان غزة مما يعكس أن هناك صفقات تعقد لكثير من الأسر الغزاوية وهى تعنى الموافقة على التهجير القسري مقابل عدم القتل والفتك وابقائهم على قيد الحياة ..وفى كلاهما موت ..الغريب فى الأمر أن يعلن نتنياهو أن الحرب مستمرة وأن نصف السكان يرغبون فى الرحيل بينما يعلن أن المشكلة الوحيدة فى التهجير أنه لايجد ولادولة واحدة تقبل أن تستقبلهم
الثبات الذى رافق السياسة المصرية طوال رحلة الحرب على غزة وإظهار قدرات الجيش المصرى والمناورات المصرية الصينية وإعلان الصين وروسيا موقفها بوضوح إذا ما حدث مساس بالسيادة المصرية جعل الأمريكان يعيدوا حساباتهم مرة أخرى بل دفع اسرائيل إلى أن تدرك الثقل التاريخى والاقليمى لمصر وأن توسيعها جبة القتال أكثر مما هى عليها الأن قد يعجل بأمور لم تكن فى الحسبان
ننتظر الأن تاجر الشنطة الذى سيعود علينا بصفقة خليجية جديدة قد تكون من الممكن أن تجعله يمضى منفردا بعيدا عن أذرعة الحكم الاسرائيلى ..ولم تدرك اسرائيل أن ترامب ليس بايدن جديدا ..وأن اسرائيل كلفت أمريكا الكثير والكثير وأفقدتها مناطق حيوية فى الشرق الأوسط وأن الأمر إن لم يتم تداركه فستفقد أمريكا مالديها فى المنطقة وستزحف قوى جديدة لتحل محلها لتتغير خريطة الشرق الأوسط ..اشتد صراع اللوبى الصهيونى داخل أمريكا بينما يلعب الصراع الداخلى بين الديمقراطيين والجمهوريين لعبة القط والفار. ..فماذا يمكن أن يحدث ..كل شىء ممكن