ضبط الوقت بقلم : لواء / حسام سمير
هل قادة العالم يكذبون أو يضطروا مرغمون على الكذب ؟؟
بالطبع يحدث ولذلك أسباب بعضها يتعلق بطبيعة الشعوب وثقافتها وقدراتها على تحمل الحقيقة ..وبعضها يتعلق بخطط الخداع الاستراتيجى..والبعض الأخر يتصل بتجنب حدوث فوضى أو حادث كارثى وفى الأخير يكون بسبب سوء تقدير الموقف من جانب القادة أو بغرض مآرب شخصية مرتبطة بسياسات البقاء فى الحكم
ولايعتبر القدرة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب هو فقط الأمر الفاصل فى التعرف على آثاره وتقييمه بشكل موضوعى للوقوف على نتائجه الإيجابية والسلبية ..بل ليحدث ذلك يجب أن تتوفر له القدرة الحقيقية على جمع المعلومات المتعلقة والدافعة لاتخاذه ..وأيضا القدرة على التحليل الواقعى الغير خاطىء لتلك المعلومات ..مع مايحاط بها من احتمالات ردود الفعل والتنبؤ بها بشكل يكون الأقرب إلى الواقع ..فضلا عما يجب تحديده من خطوات هامة بعد اتخاذ القرار لتأكيده أو لتجنب تداعياته السلبية المؤثرة
وصناع القرار فى دول العالم ينتمون إلى أيدولوجيات مختلفة وتحكمهم مصالح تتفق أو تختلف مع مصالحهم
وأصبح اتخاذ القرار بالنسبة للقادة أمر بالغ الدقة فى ظل تتابعات الأحداث وتسارع وقائع تفاعل المجتمع الدولى
والإدارة الأمريكية والتى تعتبر شرطى العالم والوصى على مقدراته ..يخونها الكثير من تلك القرارات ..وإذا كانت إدارة الديمقراطيين بدأت عهدها الجديد بسياسة التهدئة فى كل مناطق العالم الملتهبة ..فقد يفقدها هذا مركزها الشرطى ..فقد أعلنت انسحابا متعجلا من الجب الأفغانى بعد أن تكبدت أكثر من عشرة تريليون دولار وفقدت أكثر من ألفى جندى أمريكى ..ومازالت أظافر أقدامها تغوص فى وحل المستنقع الطالبانى..ومثلما كانت الرؤية فى أفغانستان كانت مثلها فى العراق ..إلا أن كبرياءها العالمى يمنعها من هذا الانسحاب المهين بعد أن شددت فصائل طالبان فى أفغانستان وميليشيات الحشد الشيعى فى العراق من ضرباتها المؤلمة مع كل تزامن للانسحاب التدريجي ..فأصبحت أمريكا الكبيرة أوى تضع نفسها فى أوجاع الحيرة ..وكما كانت تردد العبارة الشهيرة المضحكةفى أحد أفلامنا العربية (مقدرش أمشى ومقدرش استنى)..بينما تركت الساحة فى الأرض السورية وذهبت إلى إحياء الاتفاق النووى الموقوف ..مما أثار حفيظة الدولة العبرية التى تقف متربصة فى محيطها الإقليمى ومتتبعة بجرأة كل خطوة من خطوات الدول المجاورة والتى يمكن أن تمثل قوة نووية قريبة منها قد تطولها فى يوم ما فقامت بعملية عسكرية خاطفة على مركز توليد اليورانيوم الإيرانى فى عملية تعيدالينا الذاكرة فى ضرب العراق الصدامى فى الثمانينات
وتبحث روسيا بقيادة الولد المتعب بوتين عن أرض جديدة فى القرن الأفريقى وقد وضعت أولى لبناتها بقاعدة بورسودان البحرية باتفاق مصرى سودانى مشترك الا أن التراجع السودانى المهتز بشدة قد أثر على الاستكمال ووضع الثلاثى فى منتصف الطريق بعد توقف لايعرف متى يستأنف
وهو ذات الأمر الذى دعا الإدارة الأمريكية إلى المسارعة إلى التدخل المتأخر فى ملف سد الأزمة الشائك بعد أن سحبت روسيا جنودها من الحدود الأوكرانية فأعطتها بذلك فرصة لالتقاط الأنفاس والبحث عن أماكن التوتر التى فقدت بها وجودها وكما كانت تقول لنفسها (أن تأتى متأخرا أفضل ممن أن لاتأتى)
أما مايحدث الأن فى الملف الفلسطينى فهو له صلة وثيقة بما يحدث فى الملف الأثيوبى وهو ماله حديث أخر مطول ..وهو مايرتبط بشكل واضح بتوقيت القرار وأبعاده وانعكساته