مساعدات شكلية ومجزرة مستمرة: إسرائيل تُجمّل الحصار بخمس شاحنات

في خطوة وصفت بأنها مسرحية إنسانية، أعلنت إسرائيل دخول قافلة صغيرة تضم خمس شاحنات محمّلة بمساعدات غذائية للأطفال إلى قطاع غزة، محاولةً تصوير الأمر كتحرك إنساني لاحتواء أزمة المجاعة. إلا أن خلف الكاميرات، تبقى الحقيقة أكثر قسوة: تجويع ممنهج، وعدوان لا يتوقف، واستخدام المساعدات كستار سياسي.
دعاية إنسانية مفرغة من الفعل
المشهد بدا معدًّا بعناية لوسائل الإعلام، حيث حرصت إسرائيل على إبراز لحظة عبور الشاحنات بعد “فحص أمني دقيق”، وكأنها تقدم على مبادرة إنقاذ. لكن الواقع كما تصفه الأمم المتحدة لا يحتمل التجميل: كارثة إنسانية تطال أكثر من مليوني إنسان، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، وتدمير متواصل للبنية التحتية.
الصحة العالمية: الإغلاق متعمد
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، كشف أن إسرائيل تتعمد عرقلة دخول المساعدات رغم وجود شحنات جاهزة على بعد دقائق من غزة. وتؤكد التقارير الأممية أن ما تم إدخاله لا يُلبي حتى جزءاً ضئيلاً من الاحتياجات اليومية، بل لا يغطي 1% منها.
استجابة لتهديدات دبلوماسية لا لدواعٍ إنسانية
مصادر دبلوماسية غربية أفادت بأن إدخال المساعدات لم يكن بدافع إنساني، بل جاء تحت ضغط مباشر من دول مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُخفِ ذلك، بل أشار صراحة إلى أن القرار يهدف إلى “تجنب المجاعة لأسباب دبلوماسية”.
وفي الخلفية، ألغى نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس زيارة مقررة لإسرائيل لتجنّب ربط واشنطن بممارساتها العسكرية، وسط تزايد الغضب الدولي من سياسة الحصار والتجويع.
الواقع: آلاف الشاحنات تنتظر الإذن
رغم المشهد الدعائي، فإن البيانات تشير إلى أن هناك ما يزيد عن 8,900 شاحنة مساعدات تنتظر الإذن للدخول إلى القطاع. خطة منظمات الإغاثة جاهزة، وتشمل توزيعاً شاملاً ورقابة رقمية، لكن إسرائيل لا تزال تمنع تنفيذها، مكتفية بإظهار القليل لامتصاص النقد العالمي.
مجزرة لا يوقفها الغذاء المصور
وفي اليوم ذاته الذي رُوّج فيه للمساعدات، كانت طائرات الاحتلال تقتل أكثر من 80 مدنيًا في غارات جديدة. كما أعلن الجيش الإسرائيلي الدفع بمزيد من القوات إلى غزة، في إطار خطة للتوسع العسكري والسيطرة على مزيد من الأراضي.
استغلال المساعدات لتلميع الاحتلال
توظّف إسرائيل ملف المساعدات كورقة دعائية، تحاول من خلالها تبييض صورتها الدولية، بينما تبقي الواقع على حاله: معابر مغلقة، قصف متواصل، وأزمة إنسانية خانقة. ما يُسمح بدخوله من إغاثة لا يتناسب مع حجم الكارثة، بل يوظَّف كوسيلة لتأخير المواقف الدولية الحاسمة.
احتجاجات أوروبية تُدين التواطؤ الدولي
وفي رفح، وقف متضامنون أوروبيون يرفعون لافتات تصف المشهد بأنه “مجزرة مغطاة بصمت عالمي”، داعين لفرض عقوبات على إسرائيل ووقف التعاون معها، مطالبين بخطوات دولية فعلية تتجاوز الإدانات الشكلية.
الرسالة: لا لمشهد دعائي.. نعم لإنهاء الحصار
ما يحدث في غزة لا يُحلّ بدخول بضع شاحنات، بل بإنهاء كامل لسياسة العقاب الجماعي. المطلوب ليس تصوير دخول المساعدات، بل فتح المعابر بشكل دائم، ووقف القصف، وإعادة الكرامة لأهالي القطاع المنكوبين.
بقلم: أماني يحيي