فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، الحمد لله الكريم الوهاب، الحمد لله الرحيم التواب، الحمد لله الهادي إلى الصواب مزيل الشدائد وكاشف المصاب، الحمد لله فارج الهم وكاشف الغم مجيب دعوة المضطر، فما سأله سائل فخاب، يسمع جهر القول وخفي الخطاب أخذ بنواصي جميع الدواب، فسبحانه من إله عظيم لا يماثل ولا يضاهى ولا يرام له جناب هو ربنا لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المرجع والمتاب، وسبحان من إنفرد بالقهر والإستيلاء، وإستأثر بإستحقاق البقاء، وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء، وأشهد أن لا إله إلا الله ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن أمهات المؤمنين، ولقد كانت أولى الطيبات من أمهاتنا الكريمات، العاقلة الحاذقة، ذات الدين والنسب، السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

وقد نشأت على الخلق والأدب، واتصفت بالعفة والشرف، كانت تدعى بين نساء مكة بالطاهرة وقد تزوجها المصطفى صلى الله عليه وسلم فكانت نعم الزوجة له، آوته بنفسها ومالها ورجاحة عقلها وقد نزل عليه الوحي فرجع إليها يرجف فؤاده من الخوف، فتلقته بقلب ثابت وقالت له كلا والله، لا يخزيك الله أبدا قال ابن الأثير رحمه الله “خديجة أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة” وقد عظمت الشدائد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت له قلبا حانيا ورأيا ثاقبا، كما في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال “آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء” فكانت رضي الله عنها زوجة بارة وأمّ حنون، وجميع أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبنه إبراهيم عليه السلام

وقال ابن القيم رحمه الله ” وهي فضيلة لا تعرف لامرأة سواها” وقد بشّرها الله تعالي ببيت في الجنة، لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتعبه يوما من الدهر، فلم تصخب عليه يوما، ولا آذته أبدا” فكانت عظيمة في فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يتزوج امرأة قبلها ولم يتزوج امرأة معها إلى أن قضت نحبها في عام الحزن، العام العاشر من البعثة، فحزن لفقدها حزنا شديدا، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ذكرها أعلَى شأنها وأثنى عليها وإستغفر لها، وربما يذبح الشاة، فيقطعها أعضاء، ثم يبعثها إلى صديقاتها وسمع يوما صوت أختها هالة، فتذكر إستئذان السيدة خديجة رضي الله عنها وقال ” اللهم هالة ” ولقد كان من مناقبهن رضي الله عنهن، أنهن إخترن الله ورسوله والدار الآخرة إيثارا منهن لذلك على الدنيا وزينتها فأعد الله لهن على ذلك ثوابا جزيلا وأجرا عظيما.

فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” لما أمر رسول الله بتخيير أزواجه بدأ بي فقال ” إني ذاكر لك أمرا، ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، ثم قال صلى الله عليه وسلم ” إن الله قال ” يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ” قلت أفي هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نساءه، فقلن مثل ما قالت عائشة ” رواه البخاري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى