صرخة جسد بقلم الكاتبة والأديبه سميرة حمود

صرخة جسد .
بقلم الكاتبة/ سميرة حمود
حين تتكلم الأوجاع بلا صوت !!
الصدمة الصامته..
في داخل كل إنسان، حيّز خفيّ لا تصل إليه الكلمات، ولا تراه العيون.
مكان يسكنه الحزن حين لا يجد مخرجًا، وتختبئ فيه الصدمة حين تُمنَع من البكاء.
نحن لا نُربّى على التعبير عن الألم، بل على كتمانه ” اخطاء تربية”
فنبتلع الصدمة الأولى، ونُجامل في الثانية، ونتجاهل الثالثة، حتى يصير الجسد هو المتكلم الوحيد.
هل تساءلت يومًا: لماذا يرتجف قلبك دون سبب؟
لماذا تعاني من أرقٍ مفاجئ، من تسارع ضربات قلبك، من ضيق في انفاسك، من هبوط أو ارتفاع في السكر؟ من عدم القدرة على الوقوف!!
لماذا تنهار طاقتك فجأة؟
الجسد لا ينسى.
الدماغ العاطفي يسجّل كل لحظة خذلان، كل كلمة جارحة، كل تجاهل مؤلم، ويعيد تشغيلها على هيئة إشارات صامتة:
خلل في الغدة، ارتفاع في ضغط الدم، تسارع في دقات القلب، أو ضعف في الجهاز مناعي .
الحزن المكبوت يتحوّل إلى مرض.
والخوف غير المعبَّر عنه يتجسد في التهابات مزمنة، أو مشاكل هضمية، أو اضطرابات عصبية.
والصدمة التي لم تبكها، ستبكيك بطريقة أخرى… ربما عبر انهيار داخلي صامت لا يراه أحد ،ذلك الانهيار المميت الذي لم اعثر على حرف يصفه..
العلم الحديث يُجمع على أن المشاعر المخبأة تخلق أمراضًا:
الحزن الطويل يضعف الجهاز المناعي.
الغضب المكبوت يضر بالكبد والقلب.
القهر المستمر يخلخل توازن الهرمونات.
الوحدة والخذلان يؤثران على الناقلات العصبية المسؤولة عن المزاج والطاقة.
لكن ماذا عن ما تقوله الإنسانية:
أن كلمة طيبة قد تُنقذ نفس ،
وأن حضنًا صادقًا قد يخفف أوجاعًا عضوية،
وأن الإصغاء يمكن أن يُعيد التوازن لنفسٍ فقدت توازنها.
فلا تستهين بأثرك في الآخرين.
ولا تستخف بوجع لم تعشه.
ولا تفترض أن الجسد سيتحمّل إلى ما لا نهاية.
حين توشك على أن تجرح، أو تتخلى، أو تصدم… تذكّر:
أنت لا ترى ما خلف ابتسامة الآخر،
ولا تعلم كم صدمة يحملها في صدره بصمت.
ولا تعلم ما وراء قوته الظاهرة من وجع وخذلان .
اجعل حضورك شفاء، لا سببًا لمرض جديد.
اجعل لك اثر يسند لا اثر يدمر .
اجعل كلماتك صادقه فصدمة الكذب قاتله.
الي كل من لا يعلم شيء عن الإنسانيه !
الي كل من تجسد على هيئة بشر وما هو بإِنسان !
الي كل من يحمل داخله شر وكذب ونفاق واذي لمن حوله !
احذر ؛
(ولا تحسبن الله غافلًا عمّا يعمل الظالمون)
الآية واضحة، والميزان لا يختل.
كل أذى، كل كلمة سُمّ، كل خيانة خرجت منك، ستعود إليك… ولو بعد حين.
احذر أن تظن أن الظلم يمرّ،
أو أن القهر يُنسى،
أو أن دموع من كسرتهم تسقط بلا شاهد.
(إن ربك لبالمرصاد) .
لا تُخدع بقوةٍ مؤقتة أو مكسب زائف…
فالكون لا يصمت طويلًا،
والدعوات المحترقة في صدور المظلومين تصعد، وتصل، وتُستجاب.
هذه هي العدالة الإلهية،
وهذا هو قانون الرجعة،
ما تُخرجه من نفسك، سيرجع إليك، بنفس الطاقة، بنفس القوة، ولو اختلف الشكل.
هذه هي الكارما…
وما الكارما إلا يد الله الخفية حين يُمهل ولا يُهمل.
احذر أن تؤذي،
فمن آذى، سيُؤذى.
ومن خان، سيُخان.
ومن زرع سمًّا… سيتجرّعه، قطرة قطرة.
﴿فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره﴾
فاختر :
إما أن تكون سلامًا لمن حولك… أو لعنة على نفسك.