إياكم والإستهزاء بدين الله وشرعه.. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين حمد الحامدين الشاكرين والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن هناك أقوال وأفعال عديدة تغضب الله عز وجل، فحري بنا التعرف عليها وتجنبها لئلا نقع في سخط الله تعالى ونحن لا نشعر، وإن من الأقوال التي تغضب الله عز وجل هو قول الكلام السيئ، خصوصا ما يتعلق بالدين، وإن أية كلمة نتلفظ بها مسجلة علينا ونحن محاسبون عليها إن خيرا أو شرا، حيث قال الله تعالى ” ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد ” وتأتي خطورة الكلمة أنها كما أدخلت صاحبها في الإسلام بالنطق بالشهادتين فإنها قد تخرجه من الإسلام، كمن يتفكه بتداول النكت والطرائف التي فيها إستهزاء بأوامر الدين أو بالملائكة أو العلماء والصالحين، أو يتكلم بالكلمات المحبطة للأعمال، وما أكثر هذا النوع الذي إنتشر بين الناس.

عبر رسائل الهواتف، وشبكات التواصل الإجتماعي، وكم كلمة قالت لصاحبها دعني، فلذلك من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ” ينبغي للمرء أن يتفكر فيما يريد أن يتكلم به، ويتدبر عاقبته، فإن ظهر له أنه خير محقق لا يترتب عليه مفسدة، ولا يجر إلى منهيٍ عنه أتى به وإلا سكت” وعندما سمع علقمة المزني الحديث الذي رواه بلال بن الحارث المزني عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ” وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله عز وجل ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله عز وجل بها عليه سخطه إلي يوم القيامة ” قال فكان علقمة يقول ” كم من كلام قد منعنيه خديث بلال بن الحارث ” رواه الإمام أحمد، فتأملوا في كلام علقمة حينما قال “كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث” فهل نقوى أن نقول مثل قوله؟

ويمنعنا هذا الحديث النبوي الشريف من الكلام الذي يسخط الله عز وجل؟ ولقد حذرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم من غضب الله ومن النار فقال ” اتقوا النار ولو بشق تمره، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ” فبالكلمة الطيبة يمكن أن تتقي بها غضب الله عز وجل، وبالكلمة السيئة قد تقع في غضب الله عز وجل وأنت لا تدري، وهذه هي المشكلة أنك لا تدري، وقد لا تقصد، ولكن الله عز وجل يسجلها عليك، وبسببها قد يكتب غضبه عليك إلى يوم القيامة، وهكذا قال ” يكتب الله عز وجل بها عليه سخطه إلي يوم القيامة ” فعود لسانك على القول الطيب، وإستجب لنداء ربك عز وجل حين قال تعالي كما جاء في سورة الإسراء ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ” فبعض الناس أطلق للسانه العنان في الإستهزاء بالناس وبالعلماء والحكام والمتدينين.

ويتهم الناس في أعراضهم ونياتهم ولا يدري مغبة هذا الأمر، ليس مغبته في الدنيا، فإن أمر الدنيا هين، ولكن مغبته في الآخرة، إذا فوجئ يوم القيامة بغضب الله تعالى عليه، وحسب أن ما قاله هينا وهو عند الله عظيم، وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب، فبأي وجه سيقابل الله عز وجل وهو عليه غضبان؟ فتأملوا في حرص النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم على عدم إغضاب الرب تبارك وتعالي حينما توفي ابنه إبراهيم، فعندما ضمه إليه ودمعت عيناه قال صلي الله عليه وسلم ” تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون ” رواه مسلم، وتفكروا يرحمكم الله في رد الله عز وجل على المنافقين الذين كانوا يسخرون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلقون النكات عليهم، بأنهم كفروا بقولهم ذلك، فكيف بمن يسبهم ويطعن في شرفهم؟

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأينا مثل قرائنا أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلي الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله، ونزل القرآن، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلي الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يقول كما جاء في سورة التوبة ” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ” فدلت القصة ونزول هذه الآية دلالة صريحة على أن الإستهزاء بدين الله وشرعه وأهله الذين يعملون به كفر مخرج من الملة، سواء كان المستهزئ جادا أو هازلا أو مازحا، فالإستخفاف أو الإستهزاء بأي شعيرة من شعائر الدين.

أو بأي آية من آيات القرآن، أو بالرسول صلي الله عليه وسلم أو بالجنة أو النار، أو بالملائكة أو الأنبياء، يعد كفرا أكبر مخرج من الملة سواء كان الهازئ جادا أو مازحا، قال النووي رحمه الله “ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يقدم على الزنا باسم الله إستخفافا باسم الله تعالى كفر” وتأملوا كيف أن بعض كتاب الصحف يسخرون من الدين والعلماء، قد كشفوا عن نفاقهم وعوارهم ولم يخشوا سخط ربهم، فالحذر كل الحذر من غضب الله عز وجل، فقد قال تعالى ” ومن يحلل عليه غضبي فقد هوي وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدي “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى