أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين أحق من شكر وأولى من حمد، وأكرم من تفضل وأرحم من قُصد، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فاتقوه وراقبوه، وتوبوا إليه ولا تعصوه، ثم أما بعد يقول الله تعالى “أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ” فمعنى الصلوات ههنا الثناء عليهم من الله تعالى، وقال بعضهم الصلاة من الله رحمة، ومن المخلوقين الملائكة والإنس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام التسبيح، وقال ابن القيم وأما صلاة الله سبحانه على عبده فنوعان، عامة وخاصة، أما العامة فهي صلاته على عباده المؤمنين حيث قال تعالى ” هو الذي يصلي عليكم وملائكته ” ومنه دعاء النبي بالصلاة على آحاد المؤمنين، والنوع الثاني وهو صلاته الخاصة على أنبيائه ورسله.
خصوصا على خاتمهم وخيرهم محمد فاختلف الناس في معنى الصلاة منه سبحانه على أقوال، أحدها أنها رحمته فعن الضحاك قال صلاة الله رحمته، وصلاة الملائكة الدعاء، وقال بض علماء اللغة أصل الصلاة الرحمة، فهي من الله رحمة ومن الملائكة رقة وإستدعاء للرحمة من الله، وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين، والقول الثاني وهو أن صلاة الله تعالي مغفرته فعن الضحاك في قوله تعالى ” هو الذي يصلي عليكم ” قال صلاة الله مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء، وهذا القول من جنس الذي قبله وهما ضعيفان لأن الله سبحانه وتعالي فرق بين صلاته على عباده ورحمته فقال تعالى ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون” فعطف الرحمة على الصلاة.
فاقتضى ذلك تغايرهم، والقول الثالث وهو أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه هو ثناؤه وتعظيمه وإظهار شرفه وفضله وحرمته، قال أبو العالية “صلاة الله عليه ثناؤه عليه عند الملائكة” وقال ابن القيم “الصلاة المأمور بها هي الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه، فهي تتضمن الخبر والطلب، وسمي هذا السؤال والدعاء منا نحن صلاة عليه لوجهين، أحدهما وهو أنه يتضمن ثناء المصلي عليه، والإشادة بذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبة لذلك من الله تعالى، فقد تضمنت الخبر والطلب، والوجه الثاني وهو أن ذلك سمي منا صلاة لسؤالنا من الله تعالي أن يصلي عليه فصلاة الله عليه ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به”
وقد وردت الصلاة على النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم بصيغ عدة، منها ما روي عن أبي مسعود أنه قال أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن عنده فقال يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ قال فصمت رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، فقال إذا أنتم صليتم علي فقولوا “اللهم صل على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم” وكما روي عن ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة، فقال ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك، قال ” قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”