الهاجس المدمر .. الكاتبة/ الزهرة العناق

 

الهاجس الذي لا يكتب في نتائج الامتحانات ولا يذاع في حفلات التخرج:

أيها الأستاذ الجامعي، أيها المسؤول عن رسم طريق العلم. أنت لست مجرد ناقل للمعرفة، بل بوابة عبور لأرواح امتلأت شغفا، و سهرت الليالي لتخط إسمها على قائمة المتفوقين.

تجلس على منصتك، تلقي المحاضرات، وتكتب على اللوح الأبيض، فهلا التفت يومًا إلى البياض الذي يتآكل في قلوب طلبتك حين يسأل أحدهم نفسه:

“هل لدي الملايين لأبقى هنا؟”

هؤلاء الطلبة لم يفشلوا في الامتحان، بل فازوا به، و تفوقوا، ورفعوا رأس جامعتك فوق الجباه.

لكنهم يصطدمون بجدار لا يكتب عنه في المقررات:

رسوم ماجستير باهظة، مقاعد قليلة، منح لا تشمل الجميع، وأبواب لا تفتح إلا بالمال أو المحسوبية.

فهل التفوق لم يعد يكفي؟

هل الجهد العظيم لا يكافأ إلا بشهادة، بينما تستمر الفرص لمن يحمل الثمن لا الحلم؟

أيها الأستاذ…

هؤلاء الطلبة لا ينتظرون منك صدقة، بل إنصافا.

يريدون نظاما يكرم العقول لا الجيوب.

ينتظرون منك أن ترفع صوتك، أن تكون لسانهم، أن تذكرهم في المجالس، وتدافع عن حقهم في الاستمرار.

فالعلم الذي لا يمنح لصاحبه فرصة ليكمل طريقه، يصبح عبئا، و تتحول قاعات الجامعة إلى محطات وداع لأحلام لم تجد من يحتويها.

اجعل من تفوق الطالب جواز عبوره، وكن شاهدا له لا عليه. و اعلم أن بعض الأرواح تسقط بصمت، لأن أستاذا لم يلتفت، مسؤولا لم ينصف، و مقعدا شاغرا خذل من يستحقه.

هل الشهادة الذهبية تفتح أبوابا بلا مفاتيح مادية؟

الكثير من الطلبة المتفوقين لا يسقطون في الامتحانات… بل يسقطون بعدها، حين يصطدمون بأسوار اسمها “الرسوم”، “المنح المحدودة”، أو “أولوية غيرهم”.

يسألون أنفسهم بمرارة:

هل لدينا الملايين لنكمل في نفس الجامعة؟

هل التفوق صار ترفا لا يقدر إلا إن رافقته الأموال؟

المؤلم أن الحلم لا يموت لضعف العزيمة، بل يجهض في صمت حين يربط بالقدرة المادية لا بالجدارة العلمية.

التفوق يجب أن يكون جواز عبور، و ليس اختبارا آخر يحدده الرصيد البنكي. ولعل أعظم دعم يمكن أن تقدمه الأوطان، هو أن تعامل المتفوقين ككنوز، وليس كأرقام تترك خلف أسوار العجز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى