ويذكروا اسم الله في أيام معلومات .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله القائل في كتابه “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” والصلاة والسلام على رسوله القائل ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ” ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، ومن أفضل الأعمال فيها هو كثرة الذكر لقول الله تعالى ” ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ” وقال الإمام ابن رجب وأما استحباب الإكثار من الذكر فيها أي في أيام العشر فقد دلّ عليه قول الله عز و جل” ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ” فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء ” وقال الإمام النووي رحمه الله ” واعلم أنه يستحب الإكثار من الأذكار في هذا العشر زيادة على غيره، ويستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر”
ومنه التكبير والتهليل والتحميد، لقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ” وقال الإمام البخاري رحمه الله ” كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناسُ بتكبيرهما” وعن يزيد بن أبي زياد قال رأيت سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهدا، أو اثنين من هؤلاء الثلاثة ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد” وعن ميمون بن مهران قال أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير” وينبغي الجهر به إحياء للسنة، وتذكيرا للغافل، والتكبير فيها قسمان.
مطلق ويكون في العشر كلها، ومقيد بدبر الصلاة المكتوبة والنافلة، وأصحّ ما ورد في وصف وقت التكبير المقيد ما ورد من قول عليّ وابن عباس رضي الله عنهما أنه من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، وأما للحاج فيبدأ التكبير المقيّد عقب صلاة الظهر من يوم النحر، وأصح ما ورد في صيغ التكبير ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان رضي الله عنه قال ” كبّروا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا ” وصحّ عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما صيغة ” الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد” وكما أن من الأمور الهامة التي ينبغي العناية بها في هذه العشر هو صيام التسع، فمن غُلب أخذ منها ما يطيقه، فعن هنيده بن خالد عن امرأته قالت ” خدثني بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم.
كان يصوم يوم عاشوراء وتسعا من ذي الحجة وثلاثة أيام من الشهر ” ولا يشوّش على هذا قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط ” وقال ابن القيّم رحمه الله بعد أن أورد هذه المسألة “والمثبت مقدم على النافي إن صح” ويقول النووي مزيلا هذا الإشكال ” قول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط ” وفي رواية لم يصم العشر، وقال العلماء هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا، لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله، فيتأول قولها “لم يصم العشر ”
أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر” وربما صامها النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترك صيامها خشية أن تفرض كما ترك الإجتماع في صلاة الليل في رمضان لذات العلة، فأخبرت كل واحدة بما رأته من حاله صلى الله عليه وسلم، وإذا غلب الإنسان فلا أقل من صوم يوم عرفة لغير الحاج، لقول نبينا صلى الله عليه وسلم ” صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده” وقيام ليلها فقد إستحبه الإمام الشافعي وغيره، وقال سعيد بن جبير ” لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر”