سميرة حمود تكتب وكفي تشويهآ في الدين

وكفي تشويها في الدين
بقلم: سميرة حمود
مقدمة:
مسلمة تبحث في عمق تجربتها الدينية، ترفع صوتها ضد التشوه الذي أصاب الكثير من مظاهر ديننا الحنيف، لتدعو إلى استعادة الروح والرحمة والقيم الحقيقية التي جاء بها الإسلام.
نص المقال:
أنا لا أكتب هذا المقال كي أطلب إذنًا من أحد،
ولا لأرضي ذوق جمهور، أو طمأنينة قطيع.
أنا أكتب كي أتنفس…
بقلمٍ خرش ، لا يلمع… لكنه يجرح حيث يجب أن يُجرح.
أنا مسلمة، لكنني موجوعة، موجوعة من مشاهد تتكرر كل جمعة،
شوارع تُقفل، ناس تُحبس باسم الدين .
كأن الله أمرنا أن نقطع الحياة لنصلي!
وكأن الرحمة التي نزل بها الدين،
تتجلى في صلاة الجمعة اغلاق الشوارع وتعطيل السير وتعطيل خلق الله.
هل قال الله هذا؟
هل أوصى النبي أن تتحول الصلاة إلى مهرجان شوارع؟
هل هذه هي الجمعة التي كان يُلقي فيها النبي خطبته على القوم بسكينه وهدوء؟
أم صرنا نعبد الميكروفونات، لا المعاني؟
وهل كل من صوته مرتفع، يحق له أن يؤذّن؟
هل أنا مضطرة أن أسمع صوتًا بلا سكينه يخدش قلبي خمس مرات في اليوم؟
هل هذا ما أراده النبي ﷺ حين جعل بلال يؤذن؟
كان صوته هادئًا، رحيمًا، يحمل طمأنينة السماء…
أما الآن، فكثير من المؤذنين يُختارون لا لجمال الصوت،بل لمجرد الوظيفة،
فيعلو الصوت، ويختفي المعنى.
الميكروفونات تُدوّي،
لكن القلب لا يسمع شيئًا.
أن الأذان دعوة للصلاة… وليس سباقا من يعلو بصوته اكثر..
هل الأذان رسالة… أم مجرد وظيفة؟
كان الرسول ﷺ يقول لبلال بن رباح رضي الله عنه عند وقت الصلاة :
“أرحنا بها يا بلال.”
وهذه العبارة فيها معاني عظيمة:
“أرحنا بها” وليس “أرحنا منها”،
تعنى أن الصلاة كانت راحة وسكينه وهدوء، وليست ضوضاء وفوضي..
ان الصلاة لحظة سكينة، ولقاء مع الله، تخفف من همّ الدنيا.
💫 فهل الصلاة اليوم تُمارَس كراحة؟ أم تحولت إلى شكل بلا روح؟
إن الكلمة في الدين تصل إلى القلب…
لا إلى الأذن فقط.
وما نراه ونسمعه اليوم، ليس دينًا، بل صدى صراخ في صفيح مهجور .
ثم تأتي المراسم ويأتي عيد الأضحي…
فتغرق الشوارع بالدم،
تُذبح الخراف أمام الأطفال،
تُعلّق اللحوم كأنها مشهد حرب، لا قربان لله.
أين النظافة؟
أين الرحمة؟
أين الرقي؟
أين الدين؟
هل هذا ما أراده الله؟
دين يطرد الحياء من الشوارع،
ويستبدل الجمال بالدم،
ويخلط بين القربان والفوضى؟
ثم نتساءل ؟!
لماذا لم يتغيّر حالنا مع أننا نقرأ القرآن؟
الإجابة لأننا لم نعد نتدبّر، بل نحفظ.
الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:
﴿ أفلا يتدبرون القرآن ﴾ النساء: 82
لكنه لم يقل: أفلا يحفظون القرآن.
صرنا نفاخر بالحفّاظ، لا بالتدبر .
تسأل حافظًا عن معنى آية… فيقف صامتًا.
يملك اللفظ، ويفقد الروح.
نحن بحاجة إلى مجالس تدبّر داخل المساجد، لا مجرد حلقات تسميع وجوائز،
فالقرآن نزل ليُفهم… لا ليتكرر بلا وعي.
لقد ورثنا موروثًا مشوهًا،
وأقنعونا أنه مقدّس،
فأصبحت عقولنا ضيقة ،وسلوكنا متخلفًا…
نُقدّس الشكل وننسى الجوهر .
لكنني أكتب اليوم، لأقول: كفى.
كفى تغليفًا للجهل بورق الدين .
كفى صمتًا.
الدين نور… لا صراخ.
الدين جمال… لا دماء الاضحيه على الإسفلت .
الدين رقي ونظافه.. لا فوضي ولا همجيه.
الدين قلب… لا ميكروفون واصوات عاليه بلا سكينه ورحمه .
وأنا أكتب هذا…
لا أطلب موافقة،ولا أقبل رقابة،
أريد أن اكتب وانشر ما أشعر به:
كفى تشويهًا للدين باسم الله.
قال تعالى:
﴿ إن الله جميل يحب الجمال ﴾حديث شريف
إن الدين محبة، وإحسان، ليس استعراض أو أذى ، فمن لا يرى في الدين جمالًا لم يعرف الله بعد .
﴿ ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ آل عمران: 159
﴿ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ﴾ الحج: 37
فأتقوا الله لعلكم تفلحون…
بقلم خرش
(Samira Hamoud)