أنواع التكبير في هذه الأيام المباركة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، الحمد لله الكريم الوهاب، الحمد لله الرحيم التواب، الحمد لله الهادي إلى الصواب مزيل الشدائد وكاشف المصاب، الحمد لله فارج الهم وكاشف الغم مجيب دعوة المضطر، فما سأله سائل فخاب، يسمع جهر القول وخفي الخطاب أخذ بنواصي جميع الدواب، فسبحانه من إله عظيم لا يماثل ولا يضاهى ولا يرام له جناب هو ربنا لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المرجع والمتاب، وسبحان من إنفرد بالقهر والإستيلاء، وإستأثر بإستحقاق البقاء، وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء، وأشهد أن لا إله إلا الله ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن العشر الأيام الأوائل من شهر ذي الحجة، وقيل أن التكبير في هذه الأيام المباركة على نوعين، وهما تكبير مطلق وتكبير مقيد، أما التكبير المطلق.
فيقصد به التكبير في هذه الأيام العشر في كل وقت وحين، في البيت والسيارة والعمل والسوق، ولقد كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما إذا دخلت عشر ذي الحجة يخرجان إلى السوق يكبران كل على حدته، فإذا سمعهم الناس تذكروا التكبير فكبروا كل واحد على حدته، وأما التكبير المقيد فيقصد به التكبير بعد الفرائض إبتداء من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، أي إلى رابع أيام العيد، فلنرطب ألسنتنا بأحب الكلام إلى الله تعالي ونحن نعيش في أفضل أيام الدنيا، وكما ينبغي علينا صيام هذه الأيام الفاضلة قدر المستطاع فإن الصيام فيها من أفضل العبادات التي يمكن أن نتقرب بها إلى الله عز وجل، وقد ورد ما يدل على صيامها من حديث هنيدة بن خالد عن امرأته قالت حدثتني بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء وتسعا من ذي الحجة وثلاثة أيام من كل شهر” رواه النسائي، ولذا قال الإمام النووي رحمه الله ” صيامها مستحب استحبابا شديدا” ومن لم يستطع صيام التسعة أيام فلا يفوت عليه صيام يوم عرفة الذي يكفر ذنوب سنتين كاملتين حيث روى أبو قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية ” رواه الإمام مسلم، فلا تحرموا أنفسكم من هذا الفضل الجزيل، وكما ينبغي علينا التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي، فهي من أفضل الأعمال يوم العيد، فقد روى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الأعمال أفضل؟ قال العج والثج” رواه ابن ماجه والترمذي، ومعنى العج أي التلبية.
ومعنى الثج أي النحر أي تقديم الأضاحي، والأضحية سنة مؤكدة لأن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم داوم عليها وضحى عشر سنوات وحث على ذلك حتى قال صلى الله عليه وسلم “من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا” وكان صلى الله عليه وسلم يخرج بأضحيته إلى المصلى ويذبحها بالمصلى أمام الناس لتكون شعيرة بارزة في عيد المسلمين، ولذلك إختلف العلماء هل الأضحية واجبة أم سنة؟ فذهب الجمهور على سنيتها، أما الأحناف فمالوا إلى وجوبها وكذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى لأن الله عز وجل قال ” فصل لربك وانحر” كما قال تعالى ” إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ” فذكر النسك، وينبغي أن نعلم بأن الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، فلو قال قائل عندي مبلغ من المال فأيهما أفضل أتصدق به أم أشتري به أضحية؟
قال العلماء بأن شراء الأضحية به أفضل من التصدق به على فقير، والأضحية سنة للأحياء وليس للأموات إستقلالا، فلا يستحب للمسلم أن يخصص أضحية يتبرع بها لأحد أقاربه الأموات وإنما يفضل أن يضحي عن نفسه ويشرك الميت معه في ثواب الأضحية، والمتتبع لسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضحي عن أحد ممن مات له، لا عن زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها وهي أحب نسائه ولا عن أحد من أولاده أو أعمامه مثل حمزة، وإنما ضحى عن نفسه وعن أهل بيته، فمن أراد أن يدخل الأموات في العموم فهو جائز ولكن لا تكن الأضحية للأموات إستقلالا وإنما هم تبع، أما الوصايا فالأمر يختلف فيجب تنفيذها لأنها كلها للميت، وخرجت بأمر الميت قبل وفاته.