المدّعون الجدد للنبوة والمهدوية.. بقلم: محمود سعيد برغش

في عصرنا الحالي، تكثر الأصوات المتطرفة التي تحاول استغلال حاجة الناس إلى الأمل، بادعاءات كاذبة تدّعي فيها صفة المهدوية أو حتى النبوة بعد خاتم الأنبياء، وهذا ما نراه بوضوح في دعوى ناصر محمد اليماني التي لا تعدو أن تكون مخادعة ومضللة.
إن هذه الدعوى لا تنتمي إلى الإسلام الصحيح، بل هي خروج صريح على ثوابت الدين وأصوله، وتهديد خطير لعقيدة الأمة وكيانها الروحي.
1. الادعاء الوهمي بالمهدوية
المهدي المنتظر كما وصفه النبي ﷺ هو رجل يظهر في وقت الفتن، ولا يطلب البيعة، بل يُبايع له الناس كرهاً بين الركن والمقام، وهذا نص صريح لا يقبل التأويل:
“يبايع له الناس وهو كاره.”
رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني
أما من يدعو لنفسه ويجاهر بالمهدوية عبر الشاشات والمنتديات الإلكترونية، فهو كاذب مدّعي يخدش العقيدة الإسلامية.
2. الادعاء بالوحي والإلهام بعد النبي ﷺ
الأمة الإسلامية عرفت أن النبي محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، ولا نبي بعده، وهذا أمر لا يقبل الجدال، أما من يدعي تلقّي وحي خاص أو إلهام رباني بعده، فهذا كفر صريح، ووقع في المحظور:
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ}
[الشورى: 51]
وهو صريح في أن الوحي لم يعد بعد النبي ﷺ، فلا يقبل منه إلهام أو وحي جديد.
3. إنكار السنة.. تفكيك الدين وإلغاء التشريع
إنكار السنة النبوية واعتبار القرآن فقط هو منهج خطر، لأن السنة هي المرآة التي يُفهم بها القرآن، والقرآن يأمر باتباع السنة:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}
[الحشر: 7]
وأبواب التشريع كاملة في السنة، ومن ينكرها يسير على طريق تفكيك الشريعة الإسلامية.
4. خروج عن إجماع الأمة
كل أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم أجمعوا على ثبوت السنة ووجوب الاتباع، وتوحيد العقيدة:
الإمام مالك: “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.”
الإمام الشافعي: “إذا صح الحديث فهو مذهبي.”
ومن يتجاهل هذا الإجماع فهو خارج عن الوسطية الإسلامية وأصول الدين.
5. تحذير النبي ﷺ من الكذّابين والدجالين
أخبر النبي ﷺ عن كثرة المدّعين في آخر الزمان، وبيّن أنهم سيضلون الناس بشبهات فيها من الحقيقة:
“سيكون في أمتي كذابون دجالون.”
رواه مسلم
وهو ما ينطبق على دعوى ناصر اليماني التي تعتمد على مغالطات ودجل شعبي.
6. ناصر اليماني.. مدخل للفتن والانقسامات
هذه الدعوى ليست مجرد خطأ فقهي أو اختلاف في التفسير، بل هي دعوة تهدد وحدة الأمة، وتفتّت العقيدة، وتحرف الناس عن طريق الإسلام الصحيح.
على كل مسلم واعٍ أن يواجه هذا التيار بالرفض التام، وبالتمسك بالكتاب والسنة والسلف الصالح.
إن مروجي مثل هذه الادعاءات الكاذبة لن يجدوا لنفوسهم ملاذًا إلا في ضلالاتهم، ولن يضلوا إلا من تبعهم، أما المؤمن الصادق فعليه أن يعتصم بالكتاب والسنة، ويجتنب كل ما يخالف ذلك، قال تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
📖 [آل عمران: 103]
اللهم احفظ ديننا من كل بدعة وضلالة، وارزقنا الصدق في القول والعمل.