نادية هارون تكتب: من إعدام صدَّام إلى قصف غزَّة .. عيدنا أضحى ذكرى مؤلمة

مع بزوغ فجر أمس الجمعة إجتمع نحو 1.7 مليون مسلم من زوار بيت الله الحرام في مشهد مهيب بالتوافد على مِنَى بعد أن منَّ الله عليهم الخميس بالوقوف على صعيد عرفات، مهللين مكبرين، إجتمعوا على عيدين ، الأضحى والجمعة، وكما علَت التكبيرات في الحرم علَت أيضا في مساجدنا، و بمظاهر من البهجة التي غمرت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إتخذت الساحات والبيوت زينتها، وتزين المسلمين وخرجوا إلى الساحات لإقامة صلاة العيد.
 
خطيب المسجد الحرام يقول “إن دين الإسلام دين السَّعَةِ والرحمة والسماحة، دين يراعي متطلبات النفس البشرية ويُلبِّيها”، ويقول “في أيام العيد فرصة لإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، فيغتنم المؤمن أيام العيد ليخرج زائرًا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجه الله تعالى، كما ينبغي على المسلم التصَدُّق ومواساة الفقراء، لكي ندخل عليهم الفرحة والسرور في هذا اليوم، ولكيلا نحوجهم فيه إلى سؤال الناس.

في نفس الوقت تصدَّر النشرات الإخبارية خبر إستشهاد ثلاثة فلسطينيين وأصابة العشرات، في قصف الاحتلال الإسرائيلي بناية سكنية في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، ليرتفع عدد الشهداء منذ فجر أول أيام عيد الأضحى المبارك حتى صبيحة نفس اليوم إلى أكثر من 35 شهيداً، هذا الحدث أعاد إلى ذهني ذكرى إعدام الرئيس العراقي صدَّام حسين.

عرف التاريخ أحداثاً تختزل حقداً دفيناً أحياناً وصريحاً واضحاً في كثير من الأحيان على الأمة الإسلامية، ظهر جليَّاً في إختيار الإحتلال لمناسبة كعيد الأضحى المبارك وبصورة متعمَّدة لضرب بلدة جباليا، وسقوط شهداء ومصابين، كما صحونا صبيحة نفس اليوم من 19 عام في 30 ديسمبر 2006  على تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في الرئيس صدَّام حسين في فجر يوم عيد الأضحى.

حُوكِم صدَّام حسين لأنه لم يقبل المساومة، وإختار إرادة الأمة على رغبات أعداء الأمه ، وأُعدم لأنه حاول قصف إسرائيل التي لم تكن تقبل أقل من رأسه، بل وإقتصُّوا منه على ما فعله بهم الملك البابلي نبوخذنصر الذي قام بتشتيت اليهود في بقاع الأرض، كان إختيار عيد الأضحى لإعدام صدَّام عملاً إجراميَّاً بامتياز لم يراعي مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وإستخفافاً بهم ، و كان صفعة قوية على وجه كل عربي لديه ذرة من الكرامة، كما كان قصف الإحتلال غزَّة في فجر يوم عيد الأضحى لأنه لو يختر الهجرة وترك القطاع ولو كان خراباً.

تحولت الأعياد في قطاع غزة من مناسبات للفرحة والتجمع إلى أقسى مظاهر المعاناة الإنسانية، لشعب يحيا بين ركام البيوت والمساجد المنهارة، والمجاعة، وتلاشي كافة مقومات الحياة، والحرمان من أبسط مظاهر الاحتفال بالعيد، فعلى مرأى ومسمع من العالم، تحول الفرح إلى حزن ودموع على فقد الأهل والأحِبَّة، والاجتماع العائلي إلى شتات، والعبادة في بيوت الله إلى إقامتها بين الركام، والزينة الى دمار وخراب، وبدلاً من أن يضحوا ضُحِّيِ بهم، كل هذا يدل على إستهداف متعمَّد ليس لأهالي غزَّة فقط بل للمسلمين في كل مكان، بل وللإنسانية بعد تجاوز أي مفهوم للإنسانية.

كان مشهد الحجيج يثير في مخيلتي عدة أسئلة، هل يتقبل الله منَّا عباداتنا بينما نتخاذل عن نُصرة إخواننا في غزَّة؟ هل أفشينا فيها السلام؟ هل أطعمنا أهلها الطعام؟ هل وَصَلنا الأرحام؟ هل تَصَدَّقنا عليهم؟ هل أدخلنا عليهم الفرحة والسرور؟.

إن ما يقع من أحداث تجاه المسلمين إنما يُعْلِن عن التدنِّي الأخلاقي والإنساني للمجتمع الغربي، في إستهدافه الإسلام بإيذاء مشاعر المسلمين بالتنكيد عليهم في أعيادهم، كما يُعْلِن عن تخاذل وضعف المجتمع العربي، كان على 1.7 مليون حاج توحيد الدعاء للمنكوبين في غزَّة لعل الله إستجاب لهذا العدد الذي لم يستجب له من يعتلون عروش السلطة.

 أي عيدٍ هذا وكيف نُحيي السُنَّن والشعائر بينما المنكوبين في الدول الإسلامية يعانون صمتاً عربياً لواقعاً أليماً، لم يتحمل حكامه مسؤولياتهم الدينية تجاه إخوة الدين والعروبة، وإكتفوا بأضعف الإيمان؟! وإلى متى تظل مصر تتحمل تبعات تخاذل حكام الدول الشقيقة؟ وإلى ما تنتهي لعبة السياسة القذرة التي دفعت بعض الحكام ليكونوا أذرعاً لتنفيذ رغبات الصهيونية؟.

في النهاية ليس لدينا نحن الشعوب المغلوب على أمرها سوى الدعاء، فلنوحد الدعاء إلى الله اللهم عليك بأعداء الدين أعداء الأمة، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، اللهم أنصر الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض، اللهم أَعِن مصر بقوتك وأخرجها من حول ما يطلق عليهم الإخوة والأصدقاء إلى حولك.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى