في رثاء أمي .. الكاتبة: الزهرة العناق

 

من أين أبدأ الكلام؟

فقد رحلت من كانت تطبطب على خوفي بصوت له رائحة المسك،

و كانت ترويني بالدعاء كخيوط من رضى السماء.

هل تعرفون ماذا يعني رحيل أمك من حياتك؟

يعني أن ينكسر الوقت في عينيك،

و يصبح الهواء أثقل من الذكرى،

و تسكنك نهايات كانت تقسم بالخلود.

ماتت أمي،

فانطفأ من ضلوعي قنديل الدعاء،

و سقطت من يدي مسبحة الأمان،

و باتت روحي تتوكأ على الصدى تبكي.

ماتت أمي

فانطفأت شموع الروح في دمي،

وسكنت أوردة الحنين ثياب حدادي.

كأنها كانت وعد الله في الأرض،

تطعمني الصبر،

و تخبئ لي في راحتيها سكينة العم

لم تكن فقط أم،

بل كانت نخلة جذورها الحنان،

و قصيدة تحفظني عن ظهر حب،

كانت صلاتي حين أنسى

و سلامي حين أضيع.

ماتت من خاطت من دعائها مظلة لعمري،

و ركعت الموت بآهاتها حين كنت أمرض

كيف أسير الآن؟

ومن سيهدهد قلقي إذا اشتعل حريق المساء بذكراك؟

ماتت أمي،

فغدت الأيام بلا طعم،

و الساعات صماء، لا تنبض،

كأن الحياة نسخت من بعدها بالأبيض.

يا قبلة الطفولة

يا من كانت تغسل جراحي بماء الياسمين،

رحيلك حطم الجدار الأخير في قلبي،

و أورثني شروخا من بكاء لا يقاوم.

سأظل أذكرك،

كلما رفرف الدعاء في فؤادي،

و كلما اشتاقت روحي إلى ظلك الاستثنائي،

فأنت الأبد الجميل الذي لا يموت ولو مت

قد ماتت أمي، لكنها لم تغادرني 

هي الآن شجرة ظل تنمو في دمي،

ونجمة تهمس لي من سقف الغياب:

“لا تبك كثيراً، فأنا ما زلت أراك و أسمعك”

و إذا زرت قبري ابنتي، تماسكي و اسقيني بآيات من الذكر الحكيم

تضيء قبري و أرتاح

أنا و جميع جيراني ولك الأجر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى