رحلة الأبناء في التعرف على الدين.. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد لقد أوصي الإسلام بتربية الأبناء تربية إسلامية حسنة، وفي التعرف على الدين تقول امرأة لما إقترب أولادي من سن المراهقة إستأذنتهم في أن أضع بعضا من كتبي في مكتبتهم الخاصة بغرفتهم لأن مكتبتي مكتظة، فلم يعترضوا، ولم أتحدث معهم عنها على الإطلاق، بل كنت أراقب الموقف من بعيد، وما هي إلا أسابيع حتى إمتدت أيديهم الغضة إلى تلك الكتب واحدا تلو الآخر وأصبحوا بحمد الله تعالى يستفسرون عن بعض ما يقرءونه ويناقشونني فيه، وفي الترغيب في الزكاة من خلال الصدقة. 

قامت الأم بتخصيص صندوق كبير يضع فيه أفراد الأسرة ما زاد عن حاجتهم، أو ما يريدون التصدق به، ويتركونه حتى يمتلىء فيقومون بترتيب الأغراض ووضعها بشكل لائق، ثم ترسلها الأم مع طفليها إلى المسجد القريب من المنزل الذي ينفقها على مستحقيها، وكانت توضح دائما أن الله يعطي كل منفق خلفا، وأنه يعطيه أفضل مما تصدق به في الدنيا والآخرة، وذات يوم وضع طفلها حذاءه الرياضي القديم في صندوق الصدقة دون أن يخبر أمه، ولما عاد أبوه وجدته الأم يقول لها وهو يكاد يطير فرحا ” أنظري يا أمي لقد رزقني الله بحذاء رياضي جديد أفضل من الذي تصدقت به، حتى قبل أن يصل إلى المسجد أرسله لي صديق أبي الذي عاد من السفر، وفي الترغيب في الحج من خلال العمرة، قيل أنه في الأسرة لم يتيسر الذهاب للمصيف قبل العمرة.

وكان الأولاد يتوقون إليه، ولكنهم لما عادوا من العمرة لم يطلبوا الذهاب للمصيف وإكتفوا بمزاولة رياضة كل منهم المفضلة، حتى إنتهت العطلة الصيفية، ثم صاروا يسألون في العطلة التالية عن موعد الذهاب العمرة ويقولون “نفضلها على المصيف” والعجيب أن الأم فوجئت بأصغر أولادها وهو سبع سنوات تسأل عن الحج قائلة لقد جربنا العمرة وأريد أن أجرب الحج، فمتى نحج يا أمي؟ وختاما، فإن الحديث في هذا الموضوع لا يكتمل إلا بحديث الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم مع حارثة رضي الله عنه وكان لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره، حيث يروي حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يوما “يا حارثة كيف أصبحت؟ قال أصبحت مؤمنا حقا، فقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم “وما حقيقة إيمانك؟” قال أصبحت أرى عرش ربي بارزا. 

وأصبحت أرى أهل الجنة وهم يتزاورون، وأهل النار وهم يتعاوون، أي يصطرخون، فقال له صلى الله عليه وسلم ” عرفت فالزم ” واعلموا يرحمكم الله إن تربية الأولاد من المسؤوليات العظيمة التي سوف يسأل عنها الإنسان يوم القيامة، ولقد أمرنا الله تعالى بأن نقي أنفسنا وأهلينا من المخاطر والمهالك، وكما أن تربية الأولاد علم له أصوله وقواعده، والأخطاء في التربية تكون لها نتائجها الوخيمة والسيئة على الفرد والمجتمع لأن من شب على شيء شاب عليه، حيث قال عبد الملك بن مروان لاعب ولدك سبعا وأدبه سبعا وإستصحبه سبعا فإن أفلح فألق حبله على غاربه، فاللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى