أحمد حسن يكتب : حين يُساء فهم الرجل

 

للعلم هذا المقال لا يهاجم المرأة ولا يبرر سلوكًا مرفوضًا، بل يحلل طبيعة التفاوت السيكولوجي بين الجنسين كما يظهر في سوق العلاقات المعاصر، وينتقد الخطاب الاستهلاكي لا الأشخاص. الهدف هو التوعية لا التعميم، والحوار لا الإدانة.

   تبدو المشاعر عند المرأة كمرآة شفافة تعكس كل ما يمر بها، أما عند الرجل، فهي أشبه بصندوق مُغلق لا يُفتح إلا بشفرة مختلفة.

     في قلب هذا التفاوت، تنشأ أسوأ أنواع الخداع العاطفي أن تظن امرأة أن الرجل يحبها لأنه مارس معها الجنس، بينما هو لا يرى ما حدث أكثر من استجابة غرائزية لم تلامس عمق وجدانه.

الفرق بين الرجل والمرأة في مسألة الجنس ليس بيولوجيًا فقط، بل هو سيكولوجي في العمق. الرجل قادر على ممارسة الجنس وهو خالٍ من أي مشاعر، أما المرأة فلا يمكنها ممارسة الجنس خارج إطار شعوري داخلي متصل بصورة ما بالانجذاب أو التعلق. 

وهنا تكمن إحدى أزمات “الأنوثة المُدللة” المعاصرة حيث إنها تتعامل مع الرغبة الجنسية باعتبارها برهانًا تلقائيًا على الحب، وتصدق أن الحميمية الجسدية تعني التزامًا وجدانيًا دائمًا، وهو وهم ينهار في أول اختبار بعد اللقاء.

وتقيس الانثي المدللة الحب بمقدار ما يُبذَل من جهد مادي أو جسدي في سبيلها، فلا تميّز غالبًا بين رغبة مؤقتة واستثمار طويل المدى.

 وبينما تعتقد أن الجنس تتويج لعاطفة قوية، يراه بعض الرجال استهلاكًا وظيفيًا يمكن أن يتم بعد شجار، أو دون عاطفة على الإطلاق. هذه الهوة الشعورية ليست دليلاً على قسوة الرجل أو طيش المرأة، بل على سوء تفاهم جذريّ لا تعترف به الأنوثة المُدللة لأنها تفترض أن الرجل يجب أن

 يُحب مثلها

 ويغار مثلها

 ويشتاق مثلها

 وتغفل عن الطبيعة النفسية المختلفة تمامًا في استقبال وتحليل المشاعر بين الجنسين.

فمن علامات الحب الصادق عند الرجل أنه لا يستعجل العلاقة الجسدية، ولا يجعل الجنس هو موضوع العلاقة. بل يدور حديثه حول المستقبل، الأهداف، الطموحات، كيف يساعدها لتصبح أفضل.

 لا يسأل متى أراك في الفندق؟ 

بل يسأل ما خطتك لحياتك بعد خمس سنوات؟

 هذه النوعية من الرجال لم تعد تلفت أنظار الأنثى المُدللة، لأنها لا تثير خيالها الرومانسي أو غرائزها الآنية، بل تتطلب نضجًا وجديةً لا تتماشى مع ثقافة عيشي اللحظة.

الأنثى المُدللة في علاقتها بالجنس لا تُدرك خطورة تقديم الجسد قبل وجود المعنى، فتتوهم التميز في نظر رجل لا يراها سوى محطة مؤقتة.

 بل تُفسّر أي مجهود مبذول (سفر، هدايا، تكاليف، استعراض.) على أنه حب، بينما قد يكون الأمر مجرد مسافة تُقطع لغاية لا علاقة لها بالمشاعر. فالرغبة تُقنع الرجل بالتضحية مؤقتًا، لكنها لا تضمن بقاؤه بعد الإشباع.

والأدهى أن كثيرًا من النساء يعتقدن أن الرجل الذي مارس معهن الجنس لن يرى سواهن، بينما الحقيقة أن الرجال كثيرًا ما يخرجون من علاقة جسدية مباشرة إلى التفكير في العلاقة التالية،

 دون أن يشعروا بذنب أو خيانة، لأنهم لم يدخلوا أصلاً في دائرة الالتزام العاطفي. لذلك فان الرجل الحقيقي لا يجعل الجنس بوصلته، بل رؤيته لامرأة تُلهمه وتُحفّزه ليكون أفضل.

 رجل لا يتعامل مع الجسد كمكافأة، بل مع الروح كشريكة طريق. وهذه الصفات لا تجذب الأنثى المُدللة، بل تنفرها لأنها تبحث عن الإثارة لا الاستقرار، عن الامتلاك لا التقدير، عن اللهفة لا العمق.

وفي النهاية، إن فشل التفاهم بين الرجل والمرأة ليس دائمًا بسبب خيانة أو كذب، بل أحيانًا بسبب جهل عاطفي متبادل 

وتعد الأنوثة المُدللة، حين تتصدر مشهد العلاقات، تجعل من المرأة فريسة لتصورات رومانسية ساذجة تُفسد قدرتها على رؤية نوايا الرجل بوضوح.

فالجنس وحده لا يصنع حبًا، كما أن الحب لا يُثبت بالجسد، بل بالتوجه، بالمواقف، بالسؤال الصادق:

هل أنتَ هنا لأجلي؟ 

أم لأجل لحظة تمضي؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى