رسالة لكل فتاة مقبلة على الزواج بقلم: تهاني عدس

رسالة لكل فتاة مقبلة على الزواج
بقلم: تهاني عدس
انتبهي يا صغيرتي…
إنهم يصدرون لكِ فكر الجواري من خلالِ قصصٍ أغلفتها براقة تدغدغ القلب، لكن باطنها مسموم يلوث العقل والروح معًا.
في قصةِ حبٍ مشبوهة بين جاريةٍ وسيدها، طمعت الجارية هُويام فاستحوذت على قلب السلطان سليمان، فصعدت من قاع بلاط جواريه إلى جواره بكرسي العرش مستخدمة جسدها كأداة للوصول إليه.
ثم خاضت حربًا شرسة بوقاحة متناهية مع أمه وزوجته وأبنائه، فأصابتهم بالهم والغم والكمد.
ليس هذا فحسب، تلاعبت بحب السلطان لها، فقام بنفي زوجته الأولى ثم أمر بإعدام ابنه منها لاحقًا.
في الوقت الحالي الذي فيه المرأة التركية في حماية القانون، تختار من تتزوج بحرية ولا يحق لزوجها الجمع بينها وبين امرأة أخرى، يصدرون لكِ دراما ليقنعونكِ بأفكار عقيمة من بقايا القرن السادس عشر التي لا تناسب عقلية فتاة عصرية متحضرة.
افهموكِ انه شيء عادي أن تدخل امرأة حياة امرأة اخرى تستحوذ على زوجها بكل ما يملك وتدمر أسرتها بالكامل، وان اعترضت، أصبحت هى الشريرة في القصة، ثم يقضى عليها.
جعلوا أقصى حلمك هو الحصول على رجل ناجح واوهموكِ بأن السبيل الوحيد للنجاح هو التسلق على أكتافه مهما كانت الوسيلة دنيئة.
لم يخبروكِ بأن هويام شخصية وصولية متسلقة، تسلقت على أكتاف زوجها واستغلت سلطته وكل ما يملك لصالحها حتى وصلت لكرسي العرش والتحكم في الدولة العثمانية بأكملها.
الدرس الحقيقي الذي يجب أن تتعلميه حقًا منها هو الإصرار، والتحدي، والعزيمة، والمثابرة. لقد استطاعت تغيير ظروفها التي هي أسوأ وأصعب من ظروفك بكثير، وصعدت من أسفل القاع لتصل إلى أعلى القمة.
لم ينته الأمر باستيراد تلك الأفكار وحسب، بل يتم الترويج لها من خلال الدراما المحلية باستخدام أشهر الفنانين وأجمل الفنانات على الساحة الفنية في إطار المفترض انه كوميدي، لكنه حقًا سخيف. فما المضحك في صراع مرير تدور أحداثه بين رجل غني على قدر كبير من السماجة والمكر وأربعة نساء يتناحرون على من ستقضى الليلة معه.
انت في قصتكِ الصغيرة، تحلمين بقدوم ذلك الفارس الغني ولا بأس لو متزوج، ليأتي على ظهر فرسه وينتشلك من معاناتك ويحملك أنت وأحلامك على أكتافه ويمضي في الحياة.
أفيقي ياعزيزتي، الرجل المتزوج هو فارس إنما يأتي على فرس أعرج، يحمل على ظهره بالكاد زوجته وأبنائه.
إن كنتِ سترتبطين به لأنه غير سعيد في زواجه، فعليكِ بالزواج من كل الرجال المتزوجين إذن، كلهم ياعزيزتي يدعون أنهم غير سعداء. فلا تقبلي به إلا لو كان ملاذك الوحيد من العنوسة وتخشين على نفسك من الفتنة.
هناك آلاف، بل ملايين من العازبين ممن سبق لهم الزواج أو لم يتزوجوا من قبل، لكنهم يتهربون من الزواج من فتاة سطحية توقعاتها تفوق إمكاناتهم المادية بكثير. يهربون من فتاة قعيدة تجيد فن الشكوى والمقارنة واللوم والتنكيد وتحميلهم مسؤولية عدم تحقيق أحلامها المنفصلة عن الواقع.
فارس هذا الزمان يخوض معركة شرسة مع الحياة، هزمته وخسر أمامها، فأنهكته من أثر الصراع على كسب لقمة العيش. لكنه مثلك، يحلم بفارسة قوية تأخذ بيديه لتخوض معه معركة الحياة، تتقاسم حلمها معه ويحققاه سويًا، فكوني أنتِ تلك الفارسة! ني عدس