مطلّقة من الحياة الزوجية قبل أن تُطلّق الرجل

بقلم/ احمد حسن

 

🔹 تنويه هذا المقال ليس إدانة للمرأة كمخلوق، بل تحليل لنمط أنثوي معاصر يُعاد إنتاجه داخل سوق العلاقات بمنطق فردي أناني. الهدف هو التبصير لا التجريح، ومخاطبة السلوك لا تحقير الذات.

وتعد من أكثر النماذج التي تجسّد ظاهرة الأنوثة المُدلّلة بوضوح، هي المرأة المُطلّقة لا لأن الطلاق عيب، بل لأن في كثير من الحالات، لا يكون الطلاق نتيجة ظلم واقع، بل نتيجة وعي أنثوي مشوّه،

يدفها لاتحاذ قرر أن ينسف البيت لأنه لم يشبع رغبة داخلية لم تُروَ. لانها لا تفهم الزواج إلا كعقد خدمات عاطفية ونفسية، وحين تشعر أن الرجل لم يعد كافيًا، تُقرر أن تخلعه كما تُخلع زينة المساء.

وعلي الرغم من ان الطلاق في صورته الناضجة حلّ شرعي لواقع مستحيل، لا انه في صورته الجديدة لدي المدلالات فقد أصبح يسمي تحررًا، وأحيانًا انتقامًا،

وفي أحيان أخرى استعراضًا وجوديًا على منصات التواصل .حيث تكتب إحداهن تركت كل شيء لأجل نفسي، وكأن النفس وحدها هي معيار الحق، وكأن الأطفال لا وجود لهم إلا في الصور.

هذه المرأة، غالبًا، لم تُطلق الرجل بل طلّقت البيت، وتحديدًا فكرة المشاركة، لأنها اعتنقت خطابًا أنثويًا يُزيّن لها أنها تستحق أكثر، وأن كل تعب هو شكل من أشكال الاستغلال، وأن كل مسؤولية تُقيد حريتها.لذلك تُطلّق ثم تخرج للعالم بوصفها ناجية ولا تعطي اهتمام لاعادة ترتيب مصير أطفالها.

حيث تُبالغ في رسم ملامح القوة بينما العالم من حولها يرى التصدع واضحًا في عيون الأبناء. تشكو من الوحدة التي صنعتها بيدها، لكنها لا تعترف أنها كانت السبب الأول حين قررت أن تنقذ نفسها وتترك الباقين للقدر. والأسوأ، أنها لا تشعر بأي خجل حين تكرر الخطأ مع شريك جديد.

تعيد نفس النمط

نفس الشكوى

نفس النهاية.

لانها بكل بساطة امرأة لا تصلح للاحتواء، لأنها لم تتعلّم فن البقاء، ولا فن إصلاح العلاقة، بل اعتادت الهروب، وتقديس الذات، وتحميل العالم مسؤولية خيباتها.

وهذه ليست دعوة ضد المُطلّقات، بل ضد النسخة المُدلّلة منهن، التي جعلت من الطلاق راية لا مراجعة، ومن الأطفال متفرجين على سقوط بيت لم ينهدم من القهر، بل من نزوة عابرة، وقرار لم يُحسب إلا بمنطق “أنا أولًا والباقي فليعد ترتيب نفسه.

🔹 ونبقى نكرّر لسنا ضد المرأة، بل ضد الخطاب الذي يفرّغها من معناها الحقيقي، ويربّيها على الهروب بدل البناء، وعلى جبر الخاطر الذاتي ولو فوق أنقاض أسرة كاملة.

ثم ندخل في قطع الأرحام بمستند الحضانة. أنوثة تنتصر على الفطرة .. و هنا نحلل ظاهرة اجتماعية ولا يهاجم الأشخاص، ويركز على نقد الخطابات لا الأفراد، بهدف التوعية لا التعميم،

في الأعياد والمناسبات، تنكسر قلوب صغيرة لا تفهم لماذا لم يأتِ والدها هذا العام، ولماذا لم تُشترَ لها هدية العيد من يد أبيها، ولماذا صارت الزيارة جريمة والمشاعر جناية! كل ما تفهمه الطفلة أنها ارتدت فستانها الجديد وانتظرت، ولم يأتِ أحد.

وكل ما يشعر به الأب أنه يُعاقَب على كونه أبًا، ويُحرم من حق الفرح بطفله، لأن امرأةً قررت أن مشاعرها أهم من رابطة الدم.

ففي ظلال الأنوثة المُدللة، تتحول العلاقة بالأب إلى ورقة ضغط، وتُستخدم القوانين الأرضية لقطع ما أمرت به السماء أن يُوصل. لا شيء أكثر أنانية من أم تمنع أبناءها من رؤية أبيهم في العيد ثم تشتكي أن الأطفال يفتقدون الحنان

في هذا المشهد، تتجلى الأنوثة المدللة في أقسى صورها.أنثى تنصب نفسها حاكمًا على ذاكرة الطفل، تحدد من يفرح ومن يُقصى، متى يُعانق ومن يُنسى. هي تنتقم من رجل، و تقتص من طفولة، وتُربّي أبناءها على النقص باسم الاستقلال

وإذا سُئلت، ردّت “لا أريده أن يختلط بأولادي

لا أريد أن أدخل السرور في قلب طليقي

لا أريده أن يُفرحهم”.

كأن الفرح صار خيانة

والرؤية ترفًا

والعيد مناسبة لمعاقبة الذكرى.

لكن قوانين الله لا تُلغى بمزاج مطلقة.

رابطة الأبوة ليست بندًا قابلًا للتجميد، ولا يُمكن لخطابات تمكين زائفة أن تنتصر على فطرة الطفل، التي تشتاق، وتنتظر، وتبكي في صمت.

إن كل أم تمنع أبناءها من أبيهم في أيام الفرح، إنما تربيهم على الحقد، وتمنحهم شعورًا بالنقص لا يُشفى.

الحنان لا يُعطى من طرف واحد، والذاكرة لا تُربى بالإقصاء. فكوني ناضجة لمرة واحدة، واتركي الباب مفتوحًا .لعل العيد يُربّي ما لم تُربِّه النفوس المؤذية.

واخيرا

نحن نُدرك أن هناك حالات استثنائية تستدعي الحذر من بعض الآباء، لكننا هنا ننتقد الاستخدام الأناني للقانون في تعطيل صلة الرحم وتحطيم نفسية الطفل. فليس كل خصام بين الكبار يُبرر كسر قلوب الصغار والكبار..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى