المقارنة بين الإبن وبين غيره من الأولاد .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم، ثم أما بعد لما كانت مرحلة الطفولة من المراحل المهمة والأساسية في بناء شخصية الفرد إيجابا أو سلبا، وفقا لما يلاقيه من إهتمام، جاء الإسلام ليقرر أن لهؤلاء الأطفال حقوقا وواجبات، لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وذلك قبل أن توضع حقوق ومواثيق الطفل بأربعة عشر قرنا من الزمان، ولقد أوصي الإسلام بتربية الأبناء تربية إسلامية حسنة، واعلموا أن هناك أخطاء كثيرة يقع فيها الآباء في تربية الأبناء، وإن من الأخطاء التي يقع فيها الآباء في تربية الأبناء هو المقارنة بالغير، وهي المقارنة بين الإبن وبين غيره من الأولاد سواء من إخوته أو من غيرهم، فلا ننسي أن لكل طفل قدرات ومهارات.
تختلف عن غيره ومقارنته بغيره قد تؤدى إلى إحباط الطفل والى شعوره بالدونية مما يخلق لديه نوعا من العنف لإثبات الذات، بل إن مقارنته دائما بالآخرين قد يجعله يفقد الثقة بنفسه مما يؤثر على تكوينه ويجعل منه إمعة لا يحسن إلا تقليد الآخرين في كل شيء، فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب ويتوتر حين تقارنه بأخيه الأسرع منه، أو الأذكى منه أو الأهدأ منه، وإن مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل إضطرابا في نفسيته وضعفا في شخصيته لأنه قد يكون عاجزا أو غير قادر على القيام بنفس ما يقوم به أخوه ولكنه بالتأكيد يستطيع القيام بشيء لا يستطيع أخوه القيام به لأنه لم يخلق نسخة عن أخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين، وكما أن من الأخطاء التي يقع فيها الآباء في تربية الأبناء هو عدم العدل بين الأبناء.
وإن عدم العدل بين الأولاد يؤدي إلى الغيرة ويوجد روح العداء بينهم ويكون سببا للعقوق وسبب لكراهية بعضهم لبعض، وكم من المآسي والأحزان التي تعج بها بعض البيوت نتيجة للظلم والتمييز، والتفريق بين الأبناء وعدم العدل بينهم، وقال الله تعالى ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ” وكما قال الله تعالي ” وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون” وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لإبنها فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن أم هذا.
بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال نعم، فقال ” أكلهم وهبت له مثل هذا ؟ قال لا، قال ” فلا تشهدني إذن، فإني لا أشهد على جور ” أي لا أشهد علي ظلم وباطل، رواه مسلم، وفي رواية أخري عند البخاري والنسائي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان ؟ قال لا، قال فأشهد على هذا غيري، قال أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال بلى، قال فلا إذن” وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا أشهد إني لا أشهد إلا على حق ” وفي رواية عند البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اعدلوا بين أولادكم في العطية ” وفي رواية أخرى أيضا عند البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟
قال لا، قال ” فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ” قال فرجع فرد عطيته، وروى ابن أبي الدنيا بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اعدلوا بين أولادكم في النحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف”