رسول الله مع اليهودي عبد الله بن صوريا.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم، يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كيف كان إعتقاد اليهود وأهل الكتاب في رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم قبل أن يبعث، وكيف كان موجود عندهم في التوارة والإنجيل، وهذه شهادة رجل يسمي إبن صوريا وكان أعلم من بقي من يهود بني قريظة بالتوراة، فقد جاءهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في قصة اليهودي واليهودية الذين زنيا.

فقال ” يا معشر يهود أخرجوا إلي علماءكم ” فأُخرج له عبد الله بن صوريا، ومعه أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهوذا، فقالوا هؤلاء علماؤنا، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم، إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا هذا أعلم من بقي بالتوراة، فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا، فألظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة، يقول له “يابن صوريا أنشدك الله وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ قال اللهم نعم، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى فيهم ” يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ”

وكانوا يصرحون بإنطباق ما يعرفونه من صفات في كتبهم على النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا منهم جاء إلى مسجده، فقال يا فلان، فقال لبيك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أتشهد أني رسول الله” قال لا، قال أتقرأ التوراة ؟ قال نعم، والإنجيل، قال والقرآن ؟ قال والذي نفسي بيده، لو أشاء لقرأته، ثم ناشده هل تجدني في التوراة والإنجيل ؟ قال أجد مثلك ومثل هيأتك ومثل مخرجك وكنا نرجو أن يكون منا فلما خرجت تحيرنا أن يكون أنت هو، فنظرنا فإذا ليس أنت هو، قال ولم ذاك ؟ قال إن معه من أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير نجاسة ولا عذاب ومعك يسير، قال ” فو الذي نفسي بيده لأنا هو، وإنهم لأمتي، إنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا” رواه الطبراني، ثم تأمل هذا المسلك الذي إتخذه اليهود ليحرفوا الكلم عن مواضعه.

ولينكروا نبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذا خرج في الوقت والمكان وبالصفة التي علموها، ويقول أحمد حجازي في كتابه البشارة بنبي الإسلام، أن كثيرا من علماء بني إسرائيل يقولون أن إسم محمد صلى الله عليه وسلم قد ورد في التوراة، في سياق بركة إسماعيل عليه السلام بحساب الجمل، ليعرف الناس أنه بظهوره يبدأ ملك بني إسماعيل، ثم يورد حجازي شهادة أحد علمائهم الذين أسلموا وهو شموئيل بن يهوذا بن أيوب، الذي سمى نفسه بعد إسلامه السموءل بن يحي، فقد ذكر في كتابه بذل المجهود في إفحام اليهود، تحت عنوان الإشارة إلى إسمه صلى الله عليه وسلم، وما جاء في الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة أن الله تعالى خاطب إبراهيم عليه السلام ” وأما في إسماعيل فقد قبلت دعاءك، قد باركت فيه وأثمره، وأكثره جدا جدا” ذلك قوله أي باللغة العبرانية ولشماعيل شمعتيخا هني بيراختى، أوتو، وهفريتى، أوتو، وهربيتي، أوتو بماد، ماد”

فهذه الكلمة بماد ماد، إذا عددنا حساب حروفها بالجمل، وجدناه اثنين وتسعون، وذلك عدد حساب حروف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أيضا اثنان وتسعون، وإنما جعل ذلك في هذا الموضع ملغّزا لأنه لو صرح به لبدلته اليهود وأسقطته من التوراة، ويقول حجازي معلقا ولم لا يقول شموئيل أن الله تعالى قد صرح به من قبل أن تغير التوراة واليهود هم الذين غيروا الاسم الصريح بالرمز في مدينة بابل، ليعرفوه هم أنفسهم إذا جاء ويسهل عليهم جحد نبوته إذا جاءهم بما لا تهوى أنفسهم ؟ وحساب الجمل عرف في الأمم القديمة وهو الحساب بالحروف الأبجدية، فكل حرف أبجدي يرمز له برقم، وتكمن أهميته في عدم كشف الخصم للأسرار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى