مافيا تجارة الأدوية في مصر: بين الواقع والمواجهة عبير الزلفى 

مافيا تجارة الأدوية في مصر: بين الواقع والمواجهة

عبير الزلفى

 

تمثل تجارة الأدوية واحدة من أكثر القطاعات حساسية وأهمية في أي مجتمع، إذ تتصل مباشرة بصحة الإنسان وحياته. في مصر، وعلى الرغم من الجهود الحكومية للرقابة والتنظيم، ظهرت خلال السنوات الماضية شبكات غير قانونية تعمل على تزوير الأدوية، وإعادة تدويرها بطرق غير مشروعة. يعرف هذا النشاط إعلاميًا بـ”مافيا تجارة الأدوية”، وهي شبكة معقدة تضم بعض الموردين، الصيدليات، ومخازن غير مرخصة، تهدد الصحة العامة وتضعف ثقة المواطن في المنظومة الدوائية.

ظاهرة الأدوية المغشوشة في مصر

بحسب بيانات من وزارة الصحة والسكان، بلغت قيمة السوق غير المشروع للأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية في مصر نحو 600 مليون جنيه سنويًا. وتشمل هذه الأدوية المزورة، منتهية الصلاحية، أو المهربة من الخارج بدون رقابة. تنتشر هذه الأدوية عادة في الأسواق غير الرسمية، أو من خلال بعض الصيدليات غير المرخصة، أو عبر تجار جائلين.

وقد أشارت بعض الدراسات والتقارير الصحفية إلى وجود مصانع سرية تقوم بتقليد مستحضرات دوائية معروفة، مع تغيير العبوات وتزوير تواريخ الصلاحية، ثم توزيعها بأسعار أقل من السوق لجذب المرضى محدودي الدخل

هل ٧٪ من الأدوية في مصر مغشوشة؟

ترددت خلال الفترة الأخيرة أرقام تفيد بأن ٧٪ من الأدوية المتداولة في مصر مغشوشة. غير أن البحث في التقارير الرسمية أظهر أن هذه النسبة لا تستند إلى دراسة موثقة من الجهات الحكومية أو المنظمات الدولية.

وفقًا لتصريحات صادرة عن وزارة الصحة في 2015، قُدرت نسبة الأدوية غير المطابقة للمواصفات أو المغشوشة بما يقارب 2٪ من إجمالي السوق. أما على مستوى الدول النامية، فقدّرت منظمة الصحة العالمية أن ما بين 10 إلى 20٪ من الأدوية المتداولة قد تكون مغشوشة أو منخفضة الجودة.

وبالتالي، فإن الرقم المتداول (٧٪) قد يكون تقديرًا شخصيًا أو نتيجة دراسات محدودة النطاق وغير منشورة، ما يستدعي التعامل معه بحذر حتى يصدر تقرير رسمي معتمد

أسباب انتشار الظاهرة

تعود أسباب انتشار الأدوية المغشوشة في مصر إلى عدة عوامل، من أبرزها:

ضعف الرقابة على الأسواق والمخازن غير المرخصة.

ارتفاع أسعار الأدوية ووجود فجوة بين العرض والطلب.

قلة الوعي المجتمعي بمخاطر شراء الأدوية من مصادر غير رسمية.

التربح السريع من خلال شبكات غير قانونية مستفيدة من حاجة المرضى.

جهود الحكومة في مكافحة الظاهرة

اتخذت وزارة الصحة والسكان بالتعاون مع الأجهزة الرقابية عدة خطوات لمواجهة هذه الظاهرة:

إنشاء خط ساخن (19562) لتلقي شكاوى المواطنين بخصوص الأدوية غير الصالحة.

شن حملات تفتيش مكثفة على الصيدليات والمخازن لضبط الأدوية المغشوشة.

تطبيق نظام التتبع الإلكتروني للأدوية من المصنع إلى المستهلك، للحد من تداول المستحضرات غير القانونية.

رفع مستوى التوعية العامة بأهمية شراء الدواء من صيدليات مرخصة معتمدة.

توصيات لحماية المستهلك

1. تجنب شراء أي دواء من خارج الصيدليات الرسمية.

2. التأكد من وجود رقم تسجيل وزارة الصحة على العبوة.

3. التحقق من تاريخ الإنتاج والصلاحية، وحالة التغليف.

4. إبلاغ الجهات المختصة عند الاشتباه في أي دواء مغشوش.

5. عدم التعامل مع تجار الأدوية الجائلين أو عبر الإنترنت دون ترخيص

تشكل تجارة الأدوية المغشوشة خطرًا حقيقيًا على صحة المجتمع المصري، ولا تقتصر آثارها على الجانب الصحي فقط، بل تمتد لتضر بثقة المواطن في النظام الصحي بأكمله. ورغم الجهود الحكومية الملموسة، ما زالت هناك حاجة لتعزيز الوعي المجتمعي وتفعيل أدوات الرقابة بشكل أكبر. كما يتعين تشجيع المواطنين على التحلي بالمسؤولية وعدم الانسياق خلف الأدوية الرخيصة أو المجهولة المصدر. فالحفاظ على الصحة العامة مسؤولية مشتركة بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني والأفراد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى