أحمد حسن يكتب: أنتَ تُحب.. إذًا أنتَ تُدان

فلسفة التجويع العاطفي في زمن الأنوثة المُدللة
تنويه:
هذا المقال يأتي ضمن سلسلة نقدية تحليلية للخطاب العاطفي المعاصر، لا يهدف إلى تعميم أو هجوم، بل إلى فهم تحولات العلاقات الحديثة وتفكيك صورها النمطية
ففي ظل صعود نماذج الأنوثة المدللة التي تنظر إلى ذاتها بوصفها #مكافأة” لا #شراكة”، صار الرجل العاطفي في مأزق وجودي.
حيث لم تعد العلاقات الجنسية تُبنى على التبادل أو النضج، بل على شروط ناعمة مغلفة بمفردات مثل #استحقاقي”، #وطاقتي لا تسمح، وأنا مش جاهزة دلوقتي.
تلك العبارات لا تُقال لرفض العلاقة فحسب، بل تُستخدم كجدار زجاجي: ترى من خلاله أنه يريدها، لكنها لا تعترف بوجوده. ومن خلف هذا الجدار، يظل الرجل منتظرًا، مؤدبًا، صامتًا تمامًا كما يُراد له.
الرجل الصادق صار عبئًا.
مشتاق؟
إذن هو محتاج، إذن هو ضعيف معطاء؟ إذن هو متاح، إذن لا يُغري.
المدهش أن من يُبدي مشاعره يُسجن في خانة #الطمع العاطفي”، بينما من يتلاعب يُعتبر #ذكيًا يعرف متى يُظهر ومتى يخفي”.
وهكذا انقلبت معايير الجاذبية: لا تُجذب إلا حين تتمنع، ولا تُحترم إلا حين تُهين، ولا تُحب إلا حين لا تطلب الحب.
الأنوثة المدللة لم تعد تكتفي بالدور الطبيعي في العلاقة، بل باتت تُمارس سلطة رمزية تُقصي الرجل عن مشاعره. فإن عبّر عنها، أُسكت. وإن اشتكى من تهميشه، سُخر منه. وإن قرر الانسحاب، وُصف بالهروب.
كأن مشاعره خلل يجب إصلاحه، لا إنسانية يجب احتواؤها. والأسوأ أن هذا كله يحدث في ظل خطاب نسوي ناعم لا يصيح ولا يسب، بل يبتسم ويقول: “أنت لازم تبقى راجل… وساكت”.
في هذا السوق المعاصر، لا يُمنع الرجل من الحب بقانون، بل يُمنع بخطاب. خطاب يجعل من الأنثى فكرة لا إنسانة، ومن العلاقة فرصة لا مسؤولية، ومن الرجل وسيلة لا طرفًا. لا يُقال له #لا نحبك”، بل يُجعل يكره نفسه لأنه أحب.
ولا يُقال له #لسنا على استعداد، بل يُجعل يشعر أن ما يطلبه لا يليق بمثله. وهكذا يذبل تدريجيًا، إلى أن يتقن فن الصمت عن الرغبة، ويتعلم أن الحب أحيانًا لا يُطلب، بل يُعتزل.
وما لا تدركه الأنوثة المدللة أن هذا الاعتزال الجنسي الذي تفرضه على الرجل، لن يعود كما بدأ.
فالرجل الذي يُجبر على الصيام الجنسي لا يعود مجرد صابر، بل يتحول إلى وحش كاسر .
يدرك أن الحب حين يُشترط يفقد قدسيته،
وأن الكرامة العاطفية لا تقل عن الكرامة الإنسانية.
وإن لم يجد من يشاركه صدقه، سيختار العزلة على أن يكون عبدًا لمزاج أنثى لا تُعطي، ولا تُبرر، ولا تعتذر
هذا المقال لا يعمم، ولا يبرر، ولا يدين طرفًا باسم الآخر. بل يسلّط الضوء على تشوّه معين في سوق العلاقات، ناتج عن اختلال تراكمي في ثقافة الحب المتبادل.