عادات تعرقل الحلم و تكبل الإرادة.. بقلم الكاتبة: الزهرة العناق

في رحلة الإنسان نحو تحقيق أهدافه وبناء أحلامه، لم تكن التحديات المادية أو الظروف القاسية هي أعظم العقبات، بل كانت بعض العادات المتجذرة في المجتمع هي القيد الأكبر الذي كبل الإرادة، و قزم الطموح، و سلب الأحلام شرعيتها.
من بين تلك العادات السلبية، تبرز عادة الخوف من الاختلاف. فالمجتمع يميل إلى تفضيل النسخ المتكررة من التفكير والسلوك، ويستنكر كلّ من يحاول الخروج عن السرب. يربي الفرد على أن النجاح ليس فيما يبدعه، بل في ما يرضي الآخرين، حتى وإن جفّ منه النبض. وهكذا، يصبح التميز تهمة، والابتكار ضربا من “المبالغة”.
ثم تأتي ثقافة التثبيط المستمر، التي تتغذى على الجمل المحبطة مثل: “لن تنجح”، “هذا مستحيل”، “غيرك حاول وفشل”… فتترسخ في نفس الإنسان قناعة زائفة بأنّ الحلم رفاهية لا تمنح للجميع، وأن المغامرة مغامرة بمصيره و ليس بتجربته.
ولا يمكن إغفال الهوس بالمظاهر، حيث يقاس النجاح بما يرى لا بما ينجز، وتصبح القيمة في ما يقال عنك لا في ما تصنعه أنت. هنا يختزل الإنسان في لقبه، في رصيده، في شكله الخارجي، و تدفن رغباته العميقة تحت ركام المقارنات.
أما الخوف من الفشل، فهو السم القاتل الذي يتسرب في النفوس منذ الصغر. يلقن الإنسان بأن الخطأ عار، وأن السقوط نهاية، لا خطوة أولى نحو النضج، فيفقد جرأته على المحاولة، ويتحول إلى متفرج على أحلامه، لا صانع لها.
تلك العادات ليست مجرد سلوكيات هامشية، بل هي أنظمة فكرية تعيق الوعي، و تجهض الإبداع، وتفرغ الإنسان من جوهره. ولو تخلى المجتمع عن بعض تلك القيود، لأزهرت الأحلام في كل بيت، و لأصبح الطموح طقسا يوميا لا استثناء.
لنراجع أنفسنا، و نعيد النظر في ما ورثناه من قيود نسميها عادات، فرب عادة واحدة قتلت حلما كان ليغير وجه الحياة.
دعونا نربي أبناءنا على أن الفشل خطوة، لا وصمة،
وأن الحلم لا يقاس بحجمه بل بإيماننا به،
وأنّ الاختلاف ليس انحراف، بل بصمة تفرد.
فالإنسان لم يخلق ليشبه غيره،
بل خلق ليعبر عن ذاته، ويصنع أثره،
ويكتب إسمه في دفتر الحياة بمداد الصدق والحرية.
إن أعظم انتصار يحققه الإنسان،
هو أن يبقى وفيا لما يريد،
رغم كل ما يملى عليه أن يكون