الزهرة النبوية نفيسة العلم والعلوم السيدة نفيسة بنت الحسن عليهما الرضوان

الزهرة النبوية نفيسة العلم والعلوم السيدة نفيسة بنت الحسن عليهما الرضوان

 

إعداد/ د. محمد أحمد محمود غالي

السيده نفيسه رضى الله عنها وأرضاها هي: { نفيسة ابنة الإمام حسن الأنور بن الامام زيد الأبلج بن سيدنا الحسن السبط بن الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء ابنة خير خلق الله الرسول الكريم سيدنا محمد ﷺ }. اعتنى والدها بتربيتها منذ صغرها وكان يأخذها دائما إلى قبر النبى ﷺ ويقول يا سيدى أنا راض عن ابنتي نفسية فارض عنها. كان أبوها نائبا للمنصور على المدينة النبوية خمس سنين، ثم غضب عليه أبو جعفر المنصور فعزله عنها ، وأخذ منه كل ما كان جمعه منها ، وأودعه السجن ببغداد، فلم يزل به حتى توفي المنصور ، فأطلقه المهدي وأطلق له كل ما كان أخذ منه ، وخرج معه إلى الحج في سنة ثمان وستين ومائة ، فلما كان بالحاجر توفي الحسن بن زيد عن خمس وثمانين سنة (ابن كثير، ١٩٩٠م، ١٧٠/١٤). أقبلت السيدة نفيسة على العلم بكل ما فيها من طاقة فقد حفظت القرآن الكريم و هى دون الثامنة من عمرها وأتقنت القراءة والكتابة وتفقهت فى دينها حتى أصبحت حجة وأستاذة وصارت تلقب [بـنفيسة العلم] نظرا لإحاطتها بأسرار التشريع. كان لها مجلس علم يتردد عليه طلاب العلم ليستمعوا إلى حديثها ويسألوا فيما استعصى عليهم إجابته أو تفسير ما عجزوا عن فهمه والتقت بالامام احمد بن حنبل رضي الله عنه. وقال السخاوي في كتاب المزارات إن سبب قدوم السيدة نفيسة إلى مصر أنها حجت ثلاثين حجة, وفي الحجة الأخيرة توجهت مع زوجها إلى بيت المقدس, فزارت قبر الخليل إبراهيم, وأتت مع زوجها مصر في رمضان سنة ثلاث وتسعين ومائة وكان لقدومها إلى مصر أمر عظيم تلقاها الرجال والنساء من العريش, ونزلت أولا عند كبير التجار بمصر وهو جمال الديم عبد الله بن الجصاص وكان من أصحاب المعروف والبر, فأقامت عنده شهورا يأتي إليها الناس من سائر الآفاق للتبرك, ثم تحولت إلى مكانها المدفونة به وهبه لها أمير مصر السري بن الحكم (فواز، زينب، ١٣١٢هـ، ٦٧٢). حضر مجلسها الإمام الشافعى الذى لم يكد يصل من بغداد إلى مصر حتى سأل عن دارها واستأذن فى زيارتها فأذنت له ورحبت به وأعجبت بعقله وورعه. أخذ الشافعى عنها الحديث النبوى وسمع منها ما لم يكن قد وصل إليه من أحاديث شريفة مما أتاح له بعدا أكبر فى مجال الفقه والاجتهاد، وكان الشافعى إذا أقعده المرض عن زيارتها أرسل بعض أصحابه إليها يسألها الدعاء فتدعو له بالشفاء. فى المرض الأخير للشافعي الذى توفى فيه أرسل إليها كعادته فقالت لمن جاءها: « أحسن الله لقاءه ومتعه بالنظر إلى وجهه الكريم..» فعلم الشافعى أنها النهاية. ولما توفى رضى الله عنه حملت جنازته إلى بيت السيدة نفيسة فصلت عليه وقالت: رحم الله الشافعى إنه كان يحسن إلي. حفرت السيدة نفيسة قبرها بنفسها وختمت فيه القرآن الألاف من المرات فى البيت الذى تسكن فيه والذى أصبح بعد ذلك مسجدها ومقامها العامر المشرق بالانوار والرحمات والبركات والنفحات. وروى أنها فى مرضها الأخير وأثناء المعاناة وشدة الألم دخل عليها الأطباء وأشاروا عليها بالإفطار كى تستطيع الصمود والمقاومة إلا أنها رفضت وقالت «اصرفوا عني طبيبى ودعونى وحبيبي»، رضي الله عنها وأرضاها (سراج، النبوي جبر، د/ت، ٣٨). والسيدة نفيسة مازالت كراماتها على مصر حتى الآن، فعندما انتقلت إلى الدار الآخرة وجاء زوجها إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب إلى مصر لكى ينقلها ويدفنها فى البقيع، احتج أهل مصر واشتكوا زوجها إلى الوالى، فجاء رسول الله ﷺ فى رؤية إلى زوجها قائلا له “اترك نفيسة لأهل مصر فإن البركات تتنزل عليهم ببركتها”. كانت وفاتها في شهر رمضان من عام ٢٠٨ هـ، فيما ذكره القاضي شمس الدين ابن خلكان في وفيات الأعيان. دفنت رضي الله عنها في الموضع كان يعرف به الآن بين القاهرة ومصر عند المشاهد، وهذا الموضع كان يعرف يومذاك بدرب السبـاع، فخرج الدرب ولم يبق هناك سوى المشهد(ابن خلكان، ١٩٩٤م، ٤٢٤ /٥)، رضي الله تعالى عن السيدة نفيسة وأرضاها حفيدة رسول الله النبي الكريم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى