الزهرة العناق تكتب: هل الألم هو الوقود الأول للبحث؟

 

ليس الألم هو الوقود الأول للبحث، بل هو النصل المضمر في خاصرة الروح، إنه الصاعقة العاطفية التي تفجر مدافن الأسئلة في صمتنا المتعمد.

حين يطرق الألم بوابات الذات بأصابع الوجع، تستيقظ فينا أبجديات التقصي، و تنهض روافد الإدراك الفار من قبضة العادة.

الألم ليس محركا، بل مضخة شك تصهر النوم المعرفي، ومن دخانها تنبع جمرات البصيرة، لا تحترق، بل تضيء العالم حولك.

من لم يلامس حد الانفلاق العاطفي، لن يعرف كيف يترجم وجعه إلى أسئلة ذات حواف شفافة، لا تفهم بسهولة، لكنها تفتح على أسرار ما وراء الفهم. الألم لا يوقظ البحث كوقود مادي، بل كمرصد وجودي يحرك مياه الوعي الراكدة، كبوصلة غامضة لا تشير إلى الشمال، بل إلى ما لا يسمى.

ليس الألم عارضا، ولا صدى عابرا في كهف الذاكرة، بل هو المهندس الصامت الذي يعيد تشكيل جدراننا من الداخل، يبني فينا دهاليز الإدراك المنعقد على خيوط الشك،

ويهدم أسقف الزيف، لبنة لبنة. كل من مشى على جمر التجارب المسكوت عنها، يعرف أن البحث لا يولد من رغبة ناعمة، بل من شروخ سرية تنزف ببطء تحت ابتسامة متعبة.

الباحث الحقيقي لا يسعى لأنه يريد، و لا يبحث عن الحقيقة بقدر ما يلاحق صوتا داخليا يصر على أن هناك ما لم يفهم بعد، وكلما اقترب، ابتعدت كأنها نجمة لا تعترف بالمدارات البشرية.

الألم ليس حافزا وحسب، بل هو الأداة الأولى للحفر المعرفي في تضاريس الذات، هو الذي من يمنحنا عينا ثالثة تنقب في كهوف الأسئلة المطمورة.

أولئك الذين لم تلامسهم نار الانكسار، قد يملكون معلومات، لكنهم يفتقدون لغة الوجدان المتخم بالإصغاء.”العلم بلا ألم، كالنحت بلا مطرقة.”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى