بوصلة المعنى .. بقلم الكاتبة/ الزهرة العناق

 

في زمن يقاس فيه النجاح بعدد المسافات و ليس بمدى عمق الأثر، تاه الإنسان عن بوصلة المعنى، و تحول من كائن يبحث عن الحقيقة إلى آلة تحركها الإشعارات و ترهقها التنبيهات.

بات المعنى دون معنى في عصر السرعة و الفراغ الروحي،

أصبحنا نراكم أنواعا من التجارب على رفوف الأيام دون أن نعيشها، و نلهث خلف الأهداف دون أن نعي جدواها. أصبحنا نهتم بالقشور أكثر من الجوهر: مهام تتوالد، شاشات لا تنام، و سباق محموم نحو ما يسمى “الإنجاز”، دون أن نتوقف لنسأل أنفسنا: ما الهدف؟ و ما الغاية من وجودنا؟

لقد اختزلت الحياة في قوائم مهام، و اختزل الإنسان في رقم وظيفي أو ملف رقمي، بينما ظلت الأسئلة الكبرى نفسها.

أسئلة معلقة على هامش الانشغالات اليومية، لا تجد وقتا ليتم طرحها، و لا مساحة لتتم الإجابة عليها.

الجواب ليس مستوردا من كتب التنمية، و لا محفوظا في خوارزميات البحث، بل ينبع من قرار داخلي جريء: أن لا نستعجل في عالم يقدس العجلة، أن نصغي و نفهم الرسالة كما هي، أن نمارس الصمت كفعل مقاومة، و نمنح للروح غذاءها الغني بالفيتامينات الطبيعية و ريجيم لا يمكن أن يصفه لك أيا كان : الصلاة، التأمل، الكتاب، لقاءات الإنسان بالإنسان، وبالذات.

المعنى ليس هبة، بل استكشاف في لحظات صمت و تأمل، حين ننظر في أعين من نحب و نرى فيها انعكاسا لأنفسنا، حين نكتب فكرة تهز مشاعرنا، أو نساعد غريبا دون انتظار، أو نبكي خاشعين ونحن نناجي ربا لا يخذل.

إن الفراغ الروحي الذي يعاني منه الإنسان المعاصر ليس ناتجا عن قلة الموارد أو غياب الفرص، بل عن تآكل الصلة بينه و بين ذاته، بين القلب وما يحييه، و غياب الصلة بين عقله و قلبه.

في عصر السرعة، يصبح البحث عن المعنى فعل تحرر من الأفكار السامة، فاختر أن تكون كائنا حيا لا تنطق إلا بما علمك الله و العودة إلى كتابه المبين و السير على نهج الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلوات، حتى لو كنت وحدك، لتصل إلى معنى يفضي إلى المعنى المطلوب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى